سعود القصيبي

منذ أن وصل الرئيس بايدن للحكم في الولايات المتحدة بأجندته اليسارية، والاقتصاد الأمريكي يعيش في حالة اضطراب. وقد كتبنا من قبل في مقال أن أسعار النفط نتوقع لها أن ترتفع وتعود إلى سابق عهدها بعد أن ألغيت الميزات وعقود مرور النفط والتنقيب في الأراضي الفيدرالية التي جعلت من الولايات المتحدة دولة مصدرة للنفط. الأجندة اليسارية للحزب الديمقراطي أرادت اللحاق بالدول الأوروبية من حيث تحديد موعد لاستبدال البترول بطاقات أخرى بديلة غير ملوثة رغم عدم وجود التقنية الخاصة بذلك.

وكمثال فإن بطاريات السيارات وتلك من المراوح تصنع من مواد بترولية وهي أكثر كلفة مما سيؤثر سلبا في الاقتصادات الأوروبية ان ما اعتمدت من ناحية حتمية الدعم الحكومي. وما علينا إلا أن نرى ارتفاع سعر السيارات الكهربائية لنعي أن التقنية غير متوفرة بشكل اقتصادي ولا تصلح للبدان المتسعة الأطراف ويستفيد على العكس المراقب. كما أنها لا تتعرض لكافة المواد الخارجة من المصافي البترولية كما في وقود الطائرات والسفن ومركبات النقل والمواد البلاستيكية والأسفلت من حيث البدائل. ومن المدهش أيضا وحتى تلك السيارات الكهربائية الجديدة في المثل الأول، فهي تعتمد في بنائها على مواد بلاستيكية تستخرج من مواد بترولية. مما يعني في النهاية أنه كما يعتقد من كونه شأنا سياسيا انتخابيا لا علاقة له بالبترول كطاقة اريد به خلق اقتصاد جديد يوفر للدول الأوروبية جزءا من تكلفة الطاقة المستوردة.

وتأتي تبعات الاتجاهات اليسارية لإدارة الاقتصاد نكالا على إدارة الرئيس بايدن، فقد جاء في تصريح له أنه لا حلول لديه قصيرة المدى إلا أن تخفض أوبك أسعار البترول. وقد حذرت الشركات النفطية إبان الأيام الأولى من استلامه السلطة من عدم المساس بمحجوزات الأراضي النفطية لأنها سترفع الأسعار وتخلق نقصا في الإمداد النفطي وقد حصل فعلا. وبأجوبة على ذلك من الأجندة اليسارية آثر الرئيس بايدن بالقول إنه لا حلول لديه حالية أي أن حلولا طويلة الأمد كما في تلك من التوجه اليساري. أي بمعنى استبدال استخدام البترول بشيء غير موجود حاليا كتقنيات متكافئة مع المواد البترولية مما سيخلق تبعات تضخمية محسوبة.

ويمر الاقتصاد الأمريكي بأزمة سلع بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار وندرة العمالة مما يعرف اقتصاديا بـ “ستاق فليشن” أي التضخم المتأزم. وهي حالة نادرة أحد أهم أسبابها هو تعطل وسائل الإنتاج والمواصلات للوصول بالنهاية إلى المستهلك مما تسبب في ندرة تجعلها أكثر طلبا فيرتفع سعرها. وكان من الممكن للإدارة الأمريكية تحسبها من عودة الطلب بعد أزمة الكورونا، إلا أن الإدارة الأمريكية يبدو أنها آثرت التركيز على أسعار النفط دون وضع حلول لعودة العاطلين عن العمل بعد فترة الكورونا كمثال. وقد سعت الإدارة الجديدة في بداية أيامها وعن طريق الحزب الديمقراطي إلى تمرير قرارات لدعم العاطلين عن العمل بمبالغ، آثر العاطلون عن العمل بموجبها عدم العمل بعد عودة الأوضاع لطبيعتها في ظل دعم حكومي مقارب للأجور مما سبب إحراجا لليسار الديمقراطي.

ورغم الإعلام الموجه من الحزب الديمقراطي بتغطيته أخطاء إدارة ملف الاقتصاد الذي آثر التعامل معه على أنه مسألة وقتية تعود الأمور لطبيعتها بعدها، إلا أن هناك أصواتا ومحللين يتوقعون عدم عودة الأسعار لطبيعتها حتى بعد عودة الإمدادات والإنتاج لوضعه الطبيعي. كما أن الولايات المتحدة ومن خلال إغراق الأسواق بالدولار كما مع الإنفاق دون موازنة هو عامل مؤثر وعلى كافة الأصعدة وعلى تضخم أسعار السلع. وقد دأب اليسار الديمقراطي الإنفاق دون غطاء مالي وهو مستمر بسياسته بالإنفاق اللامحدود أملا في وضع ضرائب مستقبلا مما حتما سيضعف الدولار ويبطئ الاقتصاد ويزيد من البطالة. ويتوقع محللون أن ما شهدناه من ارتفاع في تكاليف الشحن الدولي والأسعار ستصاحبه زيادة مستقبلية لأسعار الفائدة لكبح التضخم الأمر المتوقع بعد هذه الموجة من الركود التضخمي.

@SaudAlgosaibi