خالد الشنيبر

في الأسبوع الماضي أعلنت وزارة الموارد البشرية عن قرارات جديدة فيما يخص استراتيجيتها للتوطين لهذا العام، وشملت القرارات تنظيما جديدا لتوطين مهن التخصصات الصحية والأجهزة الطبية بالإضافة لتعديل الاحتساب في نسب التوطين لمهن طب الأسنان والصيدلة، وما تم الإعلان عنه لا يعتبر حدثا مفاجئا في سوق العمل، وهو امتداد لخارطة طريق تم الإعلان عنها مسبقاً لتوطين ٣٢ من المهن والوظائف النوعية في مختلف القطاعات الحيوية الهامة في عام ٢٠٢١م حتى تصل الوزارة للمستهدف، وهو توفير ما يقارب ٢٠٠ ألف وظيفة نوعية.

في البداية من المهم الإجابة عن سؤال يتردد دائماً، كيف يتم اختيار المهن أو الأنشطة في قرارات التوطين؟ وما الركائز التي تعتمد عليها الوزارة في استراتيجية التوطين؟، والإجابة عن هذا السؤال نجدها في مفهوم الانكشاف المهني الذي تعمل الوزارة على مراقبة وتحديث مؤشراته بشكل مستمر، وهو مؤشر لقياس درجة الاعتماد «كمياً وَنوعياً» على العمالة الوافدة، وقياس معدل الإنتاجية ومدى مواءمة مخرجات التعليم مع احتياج سوق العمل السعودي بهدف تحقيق الأمان المهني، وهو من المؤشرات المهمة والخطرة في سوق العمل والاقتصاد بشكل عام، وكوجهة نظر شخصية أرى أن أغلب قرارات التوطين لها ارتباط مباشر في تلك المؤشرات وربطها مع نتائج دراسة احتياجات الباحثين عن العمل وتوفرهم في التخصصات النوعية المستهدفة بالإضافة لأعداد الخريجين السنوية.

مثل تلك القرارات التي تستهدف توطين مهن أو أنشطة معينة لها تأثير من جانبين أساسيين، الأول يكمن في توفير فرص عمل جاذبة ومميزة للسعوديين، والجانب الآخر الذي لا يقل أهمية يتعلق بالجانب التنظيمي للأنشطة والقطاعات، فكثير من الأنشطة في المملكة ما زالت تقليدية مقارنة بدول الخليج المجاورة وتحتاج لترقية وتنظيم أكبر، وكوجهة نظر شخصية هناك فرص كثيرة للتوطين النوعي في سوق العمل بعد تطوير الأنشطة والقطاعات فيه.

من أهم النقاط التي ركزت عليها الوزارة في قراراتها سواء التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع أو القرارات السابقة، تحديد الحد الأدنى للاحتساب في نسب التوطين، وهذا الأمر يدعم استقرار العاملين السعوديين بشكل أفضل من السابق بمراحل ويحفز على دخول الباحثين عن العمل للتخصص في هذه التخصصات والمهن، بمعنى آخر سيكون له دور في تعزيز استدامة الموظفين، وسيكون له دور كبير في رفع التنافسية بين المنشآت لتحسين بيئة العمل الداخلية لتوظيف السعوديين.

مراعاة الوزارة لجانبي «الوقت وَمعدل التوطين» يعتبر من التوجهات المهمة لنجاح تطبيق قرارات التوطين بشكل عام، وهذا ما لمسناه في كل قرارات التوطين الأخيرة من خلال منح المنشآت وأصحاب العمل مهلة لتنفيذ القرارات من خلال مراحل محددة المدة بالإضافة للرفع التدريجي لمعدلات التوطين المستهدفة، وهذا الأمر يتيح المجال للمنشآت وأصحاب العمل للاستعداد والتخطيط لتطبيق القرارات من خلال الاستقطاب والبحث عن المرشحين، وأيضاً يتيح المجال بشكل مرن لزيادة التراكم المعرفي من خلال الاحتكاك مع العاملين الحاليين.

ختاماً؛ التوطين ثروة، وشبابنا قادرون على قيادة جميع الوظائف النوعية في سوق العمل، ولذلك مثل تلك القرارات تحتاج لدعم وتعاون أكبر من أصحاب الأعمال، فنحن في مسار آمن في رفع معدلات التشغيل للسعوديين وتقليل معدلات البطالة كما هو مستهدف في رؤية المملكة، وما أتمناه خلال المرحلة الحالية هو إعادة النظر في موضوع دمج الأنشطة في برنامج نطاقات وتوسيع قاعدة الأنشطة في البرنامج حتى يكون المسار سالكاً ويحفز المنشآت على الاستدامة في السوق.

@Khaled_Bn_Moh