د ب أ - واشنطن

في مواصلة لبرامج أسلحتها النووية وصواريخها النووية، أطلقت كوريا الشمالية بنجاح الشهر الماضي صاروخا جديدا طويل المدى من طراز «كروز»، مما أثار قلق الولايات المتحدة إزاء التهديدات التي تمثلها التجارب الصاروخية التي وصفها المحللون بـ«أنها تمثل تقدما تكنولوجيا لبيونغ يانغ».

وتمارس بيونغ يانغ نشاطها دون مبالاة بالعقوبات الدولية المفروضة عليها، نظرا لأنها أصبحت بارعة في المراوغة لتجنب تلك العقوبات، ونشرت مؤسسة البحث والتطوير الأمريكية مؤخرا دراسة في 82 صفحة بعنوان «أساليب كوريا الشمالية في تجنب العقوبات»، أعده كينج مالوري كبير الباحثين في مؤسسة راند، ومدير مركز الخطر والأمن العالمي بالمؤسسة.

ومن المعروف أن الأمم المتحدة فرضت عقوبات تقييدية بصورة متزايدة على كوريا الشمالية بعد ما قامت به من تجارب للأسلحة النووية، ومع ذلك فإن تنفيذ تلك العقوبات كان متباينا.

وفي هذا الدراسة، يوضح كينج مالوري أصول عداء كوريا الشمالية تجاه الغرب في الحرب الكورية، والتصرفات التي أدت إلى استمرار اعتبار بيونغ يانغ دولة معادية وعدائية، وآليات الحد من التسلح الدولية المتاحة، ونظم العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية لاحتواء أنشطة الانتشار النووى من جانبها وإعادتها للانصياع للقانون الدولي.

وتكشف الدراسة أن كوريا الشمالية منخرطة في أربعة أنواع من أنشطة تجنب العقوبات: أنشطة تساعدها في توفير دخل بالعملة الصعبة، وأنشطة تستخدم العملة الصعبة التي حصلت عليها في شراء المواد الخام الأساسية والتكنولوجيات المحظورة ذات الاستخدام المزدوج، والنقل السري للمواد التي تحصل عليها للتعتيم على انخراط بيونغ يانغ في النشاط النووي، ونقل العملة الصعبة، والمعادن الثمينة، والمجوهرات دوليا دون أن تظهر ملكية كوريا الشمالية لتلك الأصول.

وأوضحت الدراسة أن هناك أربعة أنواع من الكيانات تشارك في تجنب بيونغ يانغ للعقوبات: مسؤولو حكومتها المعتمدون لدى سفاراتها، والعاملون الكوريون الشماليون في الخارج، والشركات الوهمية والصورية، والوسطاء الذين يحظون بالثقة كأطراف ثالثة، ويتيح تجنب العقوبات لكوريا الشمالية تلبية حاجتها الماسة للعملة الصعبة للحفاظ على النظام السياسي القائم، وتمويل برامج الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، وتلك البرامج تهدد الأمن الدولي، وتسببت في زعزعة الاستقرار ودعم حركات التمرد في معظم دول منطقة الساحل الأفريقي.

وأكدت الدراسة أنه على الرغم من العدد الكبير للدول التي لها علاقة بنشاط كوريا الشمالية النووي، ليس من المستحيل التغلب على التحدي الذي يمثله تجنب بيونغ يانغ للعقوبات، فكوريا الشمالية نشطة في 38 دولة أفريقية، ومع ذلك فإن الكيانات ذات العلاقة بتجنب نظام بيونغ يانغ للعقوبات تتركز في أربع دول أفريقية فقط، هي تحديدا جمهورية الكونغو الديمقراطية، وليبيا، ومالي، وموزمبيق.

وأكدت الدراسة أنه إذا أدركت حكومات تلك الدول، والدول المجاورة، والمجتمع الدولي الأخطار التي يسببها تعاونها مع كوريا الشمالية لأمنها والأمن الأفريقي والدولي، وقررت وقف هذا التعاون، وفرضت العقوبات، فإنها سوف تسهم إسهاما كبيرا في الحد من من المخاطر الأمنية التي تسببها كوريا الشمالية.

والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعرضان على الدول الشريكة برامج المساعدات الفنية اللازمة، وتلك البرامج توضح لمسؤولي الحكومات الشريكة طبيعة التهديد الأمني الكوري الشمالي، وتوعيتهم بالنسبة لأساليب، وتقنيات، وإجراءات بيونغ يانغ لتجنب العقوبات. كما تساعد البرامج الحكومات الشريكة على وضع التشريعات، واللوائح، وقوائم التحكم، وآليات التنسيق بين الوزارات المطلوبة، والضوابط التجارية الإستراتيجية من الدرجة الأولى على المستويين المحلي والإقليمي التي يمكن بها مواجهة تلك التهديدات.

وأشارت الدراسة في ختامها إلى أن الإدارة الإستراتيجية الفعالة للتجارة وفرض العقوبات هما في صالح الأمن القومي للدول الأفريقية وكل الدول، وفي المقام الأول، سوف تحد هذه الإجراءات من خطر عدم الاستقرار والعنف في أفريقيا والشرق الأوسط، وجنوب وجنوب شرق آسيا.

وباختصار، فإنها تجعل العالم أكثر أمانا للجميع الآن، وللأجيال القادمة.