حسام الدين أبوالعزائم - الخرطوم

خبير إستراتيجي يتوقع تشكيل «حكومة كفاءات سودانية جديدة»

أكد رئيس الحكومة السودانية د. عبدالله حمدوك أن الشراكة القائمة بين المدنيين والعسكريين هي أداة العبور للسلام والحرية والعدالة، لافتًا إلى ضرورة توسيع قاعدة الانتقال لاستيعاب كل القوى التي تُناضل من أجل الديمقراطية، وذلك في اجتماع لمجلس الوزراء عقد ليل الثلاثاء، وهي جلسة أرجعها خبير إستراتيجي لتلافي الخلافات بين مكوني الشراكة الحاكمة، بعد مناداة العسكريين للمدنيين بمراجعة الفترة الماضية، واتهامه بحصر السلطة في أربعة أحزاب دون بقية القوى السياسية.

وطلب رئيس مجلس السيادة ونائبه من المكون المدني، بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة والإسراع في عملية الإصلاح، والأبرز؛ توسيع القاعدة السياسية واستيعاب كل القوى المشاركة في التغيير، وذلك في سياق تراشق إعلامي بدأ باتهام المدنيين للعسكر في الضلوع بالمحاولة الانقلابية الفاشلة، وهو ما نفاه الفريق أول عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، مستنكرين اللهجة الاستفزازية التي صدرت على لسان مسؤولين إثنين، أحدهما بـ«السيادي» والآخر في الوزارة.

اللواء أمين مجذوب


رسائل حمدوك

ويقول الخبير الإستراتيجي اللواء د. أمين مجذوب لصحيفة «اليوم»: حديث رئيس الوزراء يحمل رسالتين، الأولى للعسكر: إن «قوى الحرية والتغيير» متماسكة، ولم تسقط من حساباتها أيًا من بقية القوى السياسية، وأبرزها بالطبع المجموعة التي أطلقت نداء يوم 26 سبتمبر، وتعرف بتحالف قوى الحرية، وتشمل قادة الحركات الموقعة على سلام جوبا وعلى رأسهم مني اركو مناوي وجبريل إبراهيم، إلى جانب «مسار الوسط»، وبقية الأحزاب التي ترى أن الإعلان السياسي لقوى الحرية والتغيير الموقع بحضور حمدوك يوم 8 سبتمبر لا يشملها.

ويتابع اللواء مجذوب: «كما قلنا هي رسالة للعسكريين بعد اتهامهم «قوى صغيرة» بالسطو على الثورة والسلطة، أما بالنسبة للرسالة الثانية، فهي في بريد (قوى الحرية والتغيير)، ونداء السودان وأحزاب الأمة، والبعث والتجمع الاتحادي، بأن يضعوا في اعتبارهم دخول قوى أخرى في المعادلة السياسية»، بيد أن الخبير الإستراتيجي؛ توقع وفقا لما سبق حدوث انشقاقات جديدة في المكون المدني، إذا لم تتحل الأطراف بالصبر وقبول الآخر والتنازل من أجل مصلحة البلاد ومستقبلها.

ويضيف: هذه الاجراءات ستؤدي بالطبع لتشكيل حكومة جديدة من الكفاءات الحقيقية وليس بـ«محاصصات حزبية»، ما يعني خروج بعض الأحزاب التي تشاركت في «كيكة السلطة»، والسير في طريق «الوثيقة الدستورية» الصحيح.

وشدد الخبير الإستراتيجي على أنه وبخلاف ما ذكره سابقا، ستطفو على السطح خلافات أخرى ربما تعقد المشهد مرة أخرى، وقال: الأول هو انتقال رئاسة الفترة الانتقالية إلى المدنيين، والتاريخ الفعلي للتنفيذ، الذي يعطي العسكريين فترة اضافية بحسب اتفاق جوبا للسلام، الذي أقر بأنها بدأت بالتوقيع على اتفاق السلام، مواصلا: أما الخلاف الثاني، فهو ملف «فض الاعتصام»، وهو الأكثر حساسية وتعقيدا.

أماني إيلا


«لجنة أديب»

ويوضح اللواء مجذوب قائلا: «لجنة أديب» القانونية والمعنية بالقضية، هي نفسها أصبحت «أزمة» ولغزا، متوقعا أن تثمر الضغوط الدولية خاصة الأمريكية في حلحلة الأزمة بين العسكر والمدنيين خاصة أن واشنطن أرسلت مبعوثيها الخاصين للسودان والقرن الأفريقي، وجلوسهما مع طرفي الخلاف.

وبشأن رسالة حمدوك للطرفين: «إن علينا معالجة التحديات والمشاكل التي تواجهنا بصبر»، توضح المحللة والإعلامية أماني إيلا، لـ «اليوم»، أن تصريح رئيس الوزراء يستشف منه أن الطرفين سيواصلان الشراكة، وقالت: ما حدث بينهما من توتر خلال الأيام الماضية لن يؤدي إلى فض هذه الشراكة، لافتة إلى أن حديث حمدوك الذي لم يغفل مطالب المكون العسكري بضرورة توسيع الحاضنة وعدم قصرها على 4 أحزاب دون بقية القوى التي شاركت في التغيير وكانت لها إسهامات مقدرة ومشهودة للجميع.

وتواصل إيلا بالقول: «رؤية حمدوك بشأن الأزمة بين المكونين أجدها فرصة، ينبغي أن يغتنمها عقلاءُ طرفي الصراع، ولا تفوّتها الجماهير أيضاً،» مشددة: «أما الاستمرار في الحرب الكلامية فلن يحقق لأي طرف انتصارا أو ترجيح كفة، بل سيُغرق البلاد أكثر وأكثر في مستنقع التشرذم والخراب».

وكان رئيس الوزراء السوداني قال خلال جلسة ليل أول أمس: «كل ذلك يمكن تحقيقه بأن تكون بوصلتنا جميعا هي مصلحة هذا البلد وشعبه الكريم الذي قام بأعظم ثورة، ويتوقع منا الكثير».

والثلاثاء، أكد نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو، أن المكون العسكري في الحكومة ملتزم بالوثيقة الدستورية والتحول الديمقراطي وصولا لانتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.