أكابر الأحمدي - جدة

يتميز بروحه الدينية ومعانيه العقدية التي تعبر عن بلاد الحرمين وقبلة المسلمين

نشيدنا الوطني ليس مجرد نشيد يردد أو كلمات عابرة، بل هو معان عميقة من العزة والمكانة والشموخ والولاء والحب والانتماء لهذا الوطن الغالي، نستذكر خلاله التاريخ العظيم للمملكة بملاحم بطولاته العظام منذ عهد المؤسس –طيب الله ثراه- الذي لم الشتات ووحد الإنسان والمكان.

ولادة النشيد

ويقول أستاذ التاريخ المشارك بجامعة الطائف مترك السبيعي: منذ تأسيس المملكة والسلام الملكي يعزف من دون أي كلمات مصاحبة له، رغم ذكر بعض الروايات وجود كلمات لنشيد وطني منذ زمن الملك عبدالعزيز وكذلك زمن الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمهما الله- كانت من كلمات الشاعر محمد طلعت، وكان مطلعها: يعيش مليكنا الحبيب، وأرواحنا فداه، هيا اهتفوا عاش الملك، هيا ارفعوا راية الوطن، اهتفوا ورددوا النشيد، يعيش يعيش يعيش الملك.

لكن البداية الفعلية لمولد النشيد الوطني السعودي كانت في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- فكان أول من تساءل إبان زيارة رسمية قام بها إلى جمهورية مصر العربية عن إمكانية مصاحبة نشيد وطني للسلام الملكي السعودي؟، وذلك بعد إعجابه بالنشيد الوطني المصري، ومن هذه اللحظة ولدت الفكرة التي نقلها إلى وزير الإعلام آنذاك محمد عبده يماني، وبدأت عملية البحث عن مؤلف وشاعر ينال شرف كتابة كلمات النشيد الوطني شريطة أن يكون متوافقا في وزنه وألحانه مع موسيقى السلام الملكي، واقترح الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله- آنذاك اسم الشاعر إبراهيم خفاجي.

اكتمال التنفيذ

وتابع: توفي الملك خالد -رحمه الله- قبل اكتمال مشروع النشيد، فتوقف الأمر حتى وجه الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- باستكمال العمل فيه، شريطة ألا يحتوي على اسم الملك، وألا تخرج كلماته عن الدين والعادات والتقاليد، فاستمر الشاعر خفاجي يعمل على إنجازه ستة أشهر متواصلة، حتى اكتملت كلماته فسلمه إلى الموسيقار سراج عمر لتركيبه وتوزيعه على موسيقى السلام الملكي، ثم عرض بعد ذلك على مسامع الملك فهد الذي أعجب بكلماته وألحانه وتوافقه مع السلام الملكي، فأمر -رحمه الله- باعتماده وتوزيعه على جميع الوزارات والسفارات والإدارات والمرافق الرسمية السعودية داخل المملكة وخارجها، ليكون معتمدا في جميع المناسبات الرسمية والاحتفالات الوطنية.

مراحل تطور

فيما قالت أستاذ التاريخ الحضاري المساعد - جامعة الملك خالد د. عبير المهيلب: تميز النشيد الوطني عن بقية أناشيد الوطن العربي والعالم الإسلامي بروحه الدينية ومعانيه العقدية التي تعبر عن المملكة كبلاد للحرمين الشريفين وقبلة للمسلمين أجمعين.

ومر النشيد بمراحل تطور تاريخيه مهمة بداية من مرحلة التفرغ التام للملك المؤسس عبدالعزيز لبناء الدولة الناشئة، فلم تكن فكرة وضع نشيد وطني وعزف سلامه واردة حينها بسبب كثرة التحديات وعظم المهمات، ولكن عند الزيارة التاريخية للملك عبدالعزيز إلى مصر عام 1945م أدرك نجله الأمير منصور ضرورة تمتع المملكة -كدولة ذات سيادة- بسلام ملكي يصاغ لحنا، ونشيد وطني يواكب موسيقى السلام، فكلف الملحن المصري عبدالرحمن الخطيب بوضع موسيقى للسلام الملكي على كلمات النشيد الوطني الذي كان نظمه سابقا الشاعر محمد طلعت عبدالرحمن عادل ثم وضع الملحن السعودي طارق عبدالحكيم موسيقى أخرى للنشيد الوطني عام 1947م على آلة البوق.

النشيد الحديث

وأضافت: ظل النشيد الوطني القديم موجودا نظريا ولكن غير مفعل عمليا، حتى زيارة الملك خالد -رحمه الله- إلى مصر عام 1975م، فلفت انتباهه عند أداء مراسم الاستقبال الرسمية عدم وجود نشيد وطني يصاحب موسيقى السلام الملكي، وكان ذلك منبع فكرة النشيد الوطني الحديث.