د. أحمد عبدالله الكويتي

إن ترسيخ القيم والمحافظة عليها داخل المجتمعات هو ما أمرت به النصوص الشرعية فقد جاءت بإقرار القيم الفاضلة والتي تعتبر من أهم عوامل النهوض بالمجتمعات والرقي بها.

وإذا نظرنا إلى المجتمع السعودي نجده من أكثر شعوب العالم تمسكا بالقيم والمبادئ الفاضلة، ومن أهم القيم التي تحرص عليها القيادة الراشدة داخل المجتمع السعودي في الفترة الحالية، ترسيخ قيم ثقافة الجودة لتحقيق النجاح، والنقلة النوعية داخل مؤسسات الدولة.

والقيم تدل على أنواع المعتقدات التي يحملها شخص أو مجموعة أو مجتمع بأسره، ويثمنها ويلتزم بها في تحديد الصواب من الخطأ، والجيد من السيئ، والمقبول من المرفوض في السلوك الإنساني، ولذلك فإن قيم أفراد المجتمع وثقافتهم لها أثر كبير على ردود أفعالهم وطرائق تصرفاتهم تجاه أساليب إدارة المؤسسات وتنظيمها. ولا يمكن تطبيق مبادئ الإدارة الرشيدة والجودة الشاملة دون اعتبار لقيم المستخدمين واتجاهاتهم نحو الأسلوب الإداري والتنظيمي للمؤسسة.

وأصبحت المؤسسات في نظم الإدارة الحديثة تحرص على انتقاء القيم التي تخدم أهداف المؤسسة والمجتمع وتعمل على تعزيزها. ومثال ذلك قيم جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل شاملة لجميع اهتمامات الدولة والمجتمع وأصحاب المصلحة والمتمثلة في الانتماء والإتقان وروح الفريق والشفافية والتنوع والإبداع والمسؤولية الاجتماعية.

وإذا أردنا أن نلخص أهم قيم ثقافة الجودة الشاملة والتي تعتبر بمثابة ركائز البناء الثقافي للمؤسسة الحديثة، وتعمل على تحقيق النجاح وتحقيق نقلة نوعية ممتازة داخل المؤسسات على اختلافها هي ثلاث قيم محورية.

القيمة الأولى: نحن جميعا معا، المؤسسة، الممولون، المستفيدون: ووفقا لهذه القيمة لا بد أن تصبح المؤسسة مكانا يشعر فيه الأفراد بأنهم جزء من شيء أكبر من أنفسهم، وأنهم بعملهم الجاد يحققون ذواتهم في نفس الوقت، وبالتالي يحسنون ما يقدمونه باستمرار من أجل تطور المؤسسة ومساعدة المستفيدين لتحقيق النجاحات، ويتحقق ذلك من خلال خلق التعاون والولاء لدى جميع العاملين بالجامعة.

القيمة الثانية: لا رئيس ولا مرؤوس: حيث يجب على كل مؤسسة أن تشعر كل من يعمل فيها أنه سيد في هذه المؤسسة ولا فرق بين رئيس ومرؤوس إلا بالعمل، فإذا شعر الفرد داخل المؤسسة التي يعمل فيها أنه يعمل حبا للمؤسسة وليس خوفا من رئيسها فمما لا شك فيه أن هذا سوف يعمل على تعزيز الإنتاجية لديه، وهذا هو منطق هذه القيمة التي تنسجم مع القيمة السابقة في تنشيط ثقافة يعمل فيها الناس، وتوحي هذه القيمة للأفراد بأهمية العمل الجماعي، وتأكيد أهمية الهدف الذي يعمل من أجله الجميع.

القيمة الثالثة: أهمية الاتصال الواضح النزيه: حيث إن عدم توافر التواصل بشفافية بين الأفراد يقود إلى سوء التفاهم، ويظهر ذلك عندما نتكلم بشيء ونفكر في شيء آخر مختلف، أو عندما يكون لديك صديق لا يؤدي عمله بشكل جيد ولكن علاقة الصداقة تمنعك من مصارحته، كل ذلك يدل على اتصال غير نزيه.

خلاصة القول إن القيم السابقة تتطلب الاعتماد على الخبرات والكفاءات في تحقيق النجاح وتقديم أفضل الخدمات، التشجيع المادي والمعنوي من قبل الإدارة العليا، ومن ثم تعزيز مواطن القوة وعلاج مواطن الضعف.

@Ahmedkuwaiti