عبدالله إبراهيم العزمان

تعرضت ميل روبنز مؤلفة كتاب قاعدة الـ ٥ ثواني لحالة من الإحباط الشديد بعد أن تركت عملها ولم تستطع أن تعثر على عمل جديد، وفي نفس الفترة تعرض زوجها لخسارة عمله الخاص، وأصبحا مديونين، وصار زواجهما مهددا بالفشل وضياع الأسرة. كانت تلك الفترة عصيبة على الكاتبة، لدرجة أنها كانت تهرب من الواقع الذي تعيشه عن طريق الاستغراق في النوم، حتى أصبح من الصعب عليها مغادرة سريرها، مما جعل أمورها تزداد سوءا، وفي أحد الأيام، ألهمها مشهد العد التنازلي لانطلاق الصاروخ الذي شاهدته على التلفزيون، أن تخرج من هذه الأزمة، فقالت لنفسها: إذا أردت أن أغير من هذا الواقع السيئ، فلا بد لي من أن أستيقظ مبكرا، لأتمكن من القيام بأداء مسئولياتي، ولا بد أن أنهض وأبدأ بالقيام بعملي ولا أركن إلى وضعي الحالي، وفي اليوم التالي وبمجرد أن قامت من نومها بدأت بالعد العكسي من ٥ إلى ١ ونهضت من سريرها بكل قوة وانطلقت كما ينطلق الصاروخ بكل قوته من قاعدته. وتقول الكاتبة إنها نجحت بذلك بعد شهور طويلة من المعاناة، واستمر الأمر معها في النجاح، وسمت ذلك قاعدة الـ ٥ ثواني وألفت فيه كتابا. تعلمون أيها الأعزاء أننا ذكرنا في المقال السابق، أن العادة المدمرة للمرء هي التسويف، وبالتالي فإن قاعدة الـ ٥ ثواني تدفع المرء إلى المبادرة وأخذ خطوة للأمام تسهم في تقدمه ونجاحه، لأن مشوار الألف ميل دائما ما يبدأ بخطوة، وكثيرا ما يكون التسويف مانعا للقيام بالعمل، والتردد سببا في ضياع الفرص، وانظر كيف حالت العقبات والمعوقات التي وضعناها في طريقنا من حصولنا على ما نريده ونبتغيه. انهض وابدأ، لأنك كلما تأخرت في ذلك، ستعطي العقل فرصة لاختلاق الأعذار التي تمنعك من القيام بالعمل، أو فترة ليؤخرك عنها بشكل يفضي إلى فواتها، قال جل وعلا (فإذا عزمت فتوكل على الله)، وفي أحوال كهذه نحن في أمس الحاجة إلى حركة بسيطة تولد إنجازا بسيطا، ولسنا بحاجة إلى قصص خارقة لتدفعنا للعمل، والسرعة في التحرك هنا أمر مطلوب، لعدم إعطاء العقل فرصة للتفكير والتحليل والتراجع بداعي الخوف أو عدم الرغبة في المخاطرة، لأن العقل غالبا ما يضخم المخاوف ويزيد من تعقيدها ويؤثر السلامة دوما. إنه كلما نبع الحافز من الداخل، كان أبلغ وأكثر استدامة، لذا فالمبادرة تسهم في أخذ خطوة إيجابية إلى الأمام، فمتى ما كنت قادرا على اتخاذ هذه الخطوة، عند ذلك ستكون قد أضفت إلى رصيدك عملا تفخر به، فمدار النجاح يرتكز على ما نضيفه من لبنات إيجابية لرصيدنا كل يوم مهما كانت بسيطة، لكنها ستبقى عظيمة في قيمتها، وفي الحديث القدسي - قال تبارك وتعالى: إذا تقرب عبدي مني شبرا تقربت منه ذراعا وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا وإذا أتاني مشيا أتيته هرولة وإن هرول سعيت إليه والله أوسع بالمغفرة.

قال المتنبي:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها.. وتصغر في عين العظيم العظائم

azmani21@