علي بطيح العمري

لما نزل قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)، أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- منادياً ينادي بتحريم الخمر، وفي مجلس من مجالس الصحابة الكرام كان أنس بن مالك يسقي القوم.. فلما سمعوا المنادي، قال له أبو طلحة: اخرج وانظر هذا الصوت، وبعد التماس الخبر: قال: هذا منادٍ ينادي أن الخمر قد حرمت، فَقال أبو طلحة: اذْهَب فأهْرِقْها.. وكذا فعل الناس كسروا أواني الخمور وأراقوها في الطرقات فجرت في سِكَك المَدِينَة.

أراقوا -أو أهرقوا- الخمر وسالت في سكك المدينة.. هنا مربط الفرس.

قلت في مقال سابق:

مع إننا مسلمون، لكن في أحايين كثيرة أشعر بأننا ببعض السلوكيات نبتعد قليلاً عن روحانية الإسلام.

* الخمر محرمة إلى قيام الساعة، حتى إن سميت بغير اسمها، حتى لو اخترعوا لها ألف شكل ومائة تبرير لتصنيعها والسماح بتداولها ووجودها.

* امتثال عجيب من الصحابة في تطبيق الآيات والأحاديث.. أين نحن من هذه الميزة نسمع الآيات وندرسها لكن لا تتجاوز حناجرنا وآذاننا، حتى الجن كانوا أحسن منا، ففي لقاء واحد سمعوا شيئا من القرآن فعظموه، (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً).

يا لجمال ويا لروعة الانصياع لأوامر الله ورسوله..

مجرد خبر وصلهم عن تحريم الخمر، التي كانوا يتعاطونها من قبل أراقوا ما لديهم اتباعاً وطواعية.

فهل نحن (أرقنا) وتخلصنا من كل المحرمات والسلوكيات، التي نقترفها بمبررات احتيالية وبدون مبررات.

هل تركنا قطيعة الرحم.. ووصلنا أرحامنا وذللنا العقبات، التي تعيق التواصل من أجل الله ورغبة في الأجر؟

هل تركنا الغش في البيع والشراء والجشع في رفع الأسعار واستغلال الناس لأجل أن الرسول الكريم حرم الغش، وأن في الحلال غنية عن الحرام.

هل أهرقنا -أو أرقنا- عقوق الآباء، وعرفنا ما لهم من حق، فالوالد أوسط أبواب الجنة، والجنة تحت قدمي الأم.

إذا علمنا حق الجار، وأن جبريل كان يوصي النبي -عليه الصلاة والسلام- به حتى كاد أن يورثه.. فهل أرقنا كل سبل التقاطع والتشاحن ورممنا علاقاتنا مع جيراننا ومع بقية الناس ولو بكلمة فيها جبر خاطر أو بسلام من بعيد!

* قفلة..

قال أبو البندري غفر الله له:

الإسلام؛ أن تستسلم لأمر الله ونهيه بلا اعتراض.

@alomary2008