مها العبدالهادي - الدمام

شدد المعارض السياسي الأحوازي ناصر عزيز، على أن تجفيف مياه الأراضي الأحوازية سياسة إيرانية قديمة، تتبعها الحكومة من أجل تهجير الشعب الأحوازي، وفي الوقت ذاته تعمل على تنمية أصفهان ويَزد وقم، من خلال نقل تلك المياه إليها.

مؤكدا في حواره مع «اليوم» أن المصالح الشخصية لدى بعض الأحوازيين تغلبت على دورهم من أجل تحقيق الاستقلال وطرد المحتل الإيراني من أراضيهم، وتوقع الإفراج عن رئيس حركة النضال العربي حبيب جبر من السجون الأوروبية، خلال الشهرين القادمين، وشدد على أنها ستكون بداية جديدة وانطلاقة أقوى مما كانت عليها لخدمة القضية الأحوازية. وعودة حبيب جبر، ستكون بداية جديدة وانطلاقة أقوى للقضية الأحوازية وتحقيق طموحات الأحوازيين في الحرية والاستقلال.

فيما قال بشأن صمت المجتمع الدولي على جرائم وإرهاب طهران: إن المصالح الاقتصادية مع إيران تأتي في المرتبة الأولى بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ويضيف: «إن الديمقراطيين في الولايات المتحدة يرسخون قواعد نظام الملالي أكثر عن حصولهم على السلطة في أمريكا».. وفيما يلي نص الحوار:

- الشعب الأحوازي خرج في مظاهرات احتجاجًا على سرقة مياهه من قبل «الملالي»، برأيك هل من الممكن أن يتراجع النظام عن تحويل الأنهار وتجفيف البحيرات؟

استمرار سلطات الاحتلال بتجفيف الأنهار والأهوار الأحوازية سياسة قديمة، تستمر بها مؤسسات الاحتلال لتهجير المواطنين الأحوازيين، في عام 2005 كشفت رسالة مدير مكتب رئيس نظام إيران في ذلك الحين حقيقة هذا الأمر، طبعًا بدورها سلطات الاحتلال أنكرت ذلك من خلال شاشات التلفزة، لكن الواقع وعمل المؤسسات المذكورة في تلك الرسالة يعكس واقعًا آخر عن ادعاء المحتل بأن الرسالة كانت مزورة، الجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال بذلت الملايين من الدولارات على بناء قنوات نقل المياه إلى «أصفهان ويزد وقم»، وغيرها من المدن وهذا إثبات على أن سلطات الاحتلال لن تتراجع عن سرقة المياه من الأحواز، وهذا بكل تأكيد يعني تجفيف الأرض وتهجير المواطنين منها.

- لماذا يلجأ النظام للزعم بأن منطقة عربستان بالكامل «إيرانية» وسكانها إيرانيون، ولا يعترف بكونه محتلا ومستعمرًا؟

دائما من يحتل أرضًا يعرف تماما أن يوما ما سوف يطرد منها، ومن هذا المبدأ يعرف الإيراني أن الأحواز وإذا كانت تحت احتلاله لكن لن تدوم قبضته على هذه الأرض، علما أن السلطات الإيرانية تعتمد على تهجير أو قتل من تنوي السيطرة على أرضه والعراق وسوريا خير دليل على ذلك، حيث الجميع يعلم ما حل في سوريا من محاولة تهجير لبعض المناطق وأيضًا محاولات التغيير الطائفي وفي الوقت الراهن ما نشاهده من تحرك من أهالي درعا هو ردة فعل لتواجد واستيطان أعداد كبيرة من العناصر الطائفية بميليشيات إيران في هذه المحافظة السورية، وقس على ذلك ما تفعله إيران على أراض تحتلها وتسيطر عليها 100%.

- لماذا هذا التعتيم الدولي والإعلامي عن كل ما يجري، ليس في الأحواز وحسب بل كل المظاهرات التضامنية التي خرجت في طهران ومناطق أخرى؟

هناك شقان لهذا السؤال، الأول أن الإيرانيين - النظام ومعارضته - يكرهون الشعوب غير الفارسية وعلى رأسهم الأحوازيون، والمعارضة الإيرانية قالت: «لو لم تكن شعاراتهم باللغة العربية لكنا وقفنا معهم إعلاميا»، وهذا يعكس كرههم للعرب جميعا وليس للأحوازيين فقط.

الشق الثاني، هو أن هناك منصات إعلامية مشبوهة عربية وغربية للنظام الإيراني نفوذ واسع فيها، طبعا البعض يدعمهم بصورة مباشرة والآخر بصورة غير مباشرة، وهذا أحد أهم الأسباب للتعتيم الإعلامي على ما يجري في الأحواز.

أحوازيون يظهرون جرائم الاحتلال الإيراني للعالم من أجل الالتفات لقضيتهم


- هل نستطيع القول إن المظاهرات والاحتجاج على شح المياه انتهت كما انتهت أخرى سابقة ليس في الأحواز وحسب بل في عموم إيران، والنظام باقٍ ويزداد قوة؟

الاحتجاجات لا تتوقف، وإنما قمع المتظاهرين يجعل هناك رهبة من التواجد في الشوارع، لكن إرادة الشعوب لا تموت رغم القتل، فإذا عدنا إلى مجزرة «معشور» في 2019 نرى أن الجميع اعتقد انهيار هذه المدينة وتراجعها عن مواجهة هذا المحتل، لكن هذه الانتفاضة كانت هي الأولى في إشعال فتيل الثورة، ويجب أيضا ألا ننسى أن استمرار الاحتجاجات هو من أسهم بتغيير النظام السابق وهذه التظاهرات تعكس عدم رضا الشارع في جغرافيا إيران السياسية وهذا يعني سقوطا حتميا للنظام.

- الشعب الأحوازي الآن بين الحياة والموت، فالحياة بدون ماء تعني الموت، كيف ستعالجون ذلك مع إصرار النظام على قطعها عنكم؟

سوف يستمر رفض المواطنين الأحوازيين لهذه الأجندة، ولا بد أن تستمر الاحتجاجات ضد هذه السياسة الهادفة لتهجير المواطنين، ونحن نعلم أننا مقابل تحدي إثبات وجود؛ أما أن نكون أو نهجر من هذه الأرض، والدماء الأحوازية كتبت بالخط العريض للمحتل «إننا باقون هنا وهذه الأرض لا بد أن تتحرر من دنس المحتل».

- برأيك لماذا كل هذا الدعم الدولي لنظام الملالي وخاصة الاتحاد الأوروبي وفرنسا بشكل خاص إضافة إلى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن؟

المصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى هي «الهدف الأساسي» لذلك، وهذه الجملة سمعتها من كبار المسؤولين والبرلمانيين بالاتحاد الأوروبي، وأما الولايات المتحدة فلها شأن آخر وخاص، الديمقراطيون لديهم ملفات متعددة في المنطقة تربطهم بالنظام الايراني، ولهذا نشاهد كلما وصل ديمقراطي الى السلطة، ساعد على ترسيخ النظام الإيراني الداعم للإرهاب وعناصره في المنطقة.

هل هناك دول من الاتحاد الأوروبي تقدم للقضية الأحوازية دعما سياسيا أو أي شكل آخر؟

هنالك شخصيات ذات تأثير في الاتحاد وبقية الدول الأوروبية، تحاول كشف المستور عن النظام الإيراني، ويجب ألا ننسى أن القائد حبيب جبر، اجتمع مع كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي وشرح لهم ما يجري في الأحواز، وبعدها شاهدنا تغييرا ملموسا نوعا ما في طرح القضية الأحوازية، وأيضا الشارع الأوروبي بدأ في تناول قضيتنا كـ«قضية رأي عام».

متضامنون في برلين يرفعون الأعلام أثناء مشاركتهم بمسيرة تدعم شعب الأحواز (اليوم)


تحقيق الاستقلال هدف بعيد المنال، وربما لن يتحقق، لماذا لا تتحالفون مع القوى السياسية الإيرانية المعارضة لإسقاط النظام ومن ثم تبدؤون مرحلة أخرى من النضال؟

مجرد الحديث في بناء تحالف مع المعارضة الإيرانية يعيد لنا ذكرى مجزرة «المحمرة»، التي قام بها الخميني وأذنابه بعد استيلائه على السلطة، ووعد القيادات الأحوازية آنذاك بإعطائهم حقهم في تقرير مصيرهم، وهذه تجارب نتعلم منها، ناهيك عن أن الفارسي لا يكن الود للعربي، وغدر الفرس بالعرب تتضمنه صفحات التاريخ.

وأما فيما يخص قولك أنه صعب المنال، فيجب أن أقولها وبصراحة «إرادة الشعب العربي الأحوازي أرغمت العالم على أن يتحدث عنها بعد أن نسيت»، واليوم نشاهد مراكز صنع القرار في المنطقة جميعهم يتحدثون عن القضية الأحوازية، وهنا يجب أن نذكرها وبكل شفافية «إن الحق يؤخذ ولا يعطى»، وسوف نأخذ حقنا شاء من شاء وأبى من أبى.

- منذ ما يقارب مائة عام على الاحتلال والأحوازيون يناضلون لاستعادة أراضيهم، ألا تعتقد أنه بات ضروريا توحيد الجهود وتشكلون «منظمة تحرير» يعمل الجميع بظلها سياسيا وإعلاميا وعسكريا إن اقتضى الأمر؟

لا ننكر أننا بأمس الحاجة إلى «رص الصف الأحوازي خدمة لقضيتنا»، ونذكر تماما أن القضية الجزائرية بعد أن اجتمعوا كل أطيافهم وتكتلاتهم استطاعوا أن يحرروا أرضهم من المحتل بعد 120 عاما، وهذا الأمر ينطبق علينا كـ«أحوازيين»، لكن أيضا يجب ألا ننسى نحن لسنا استثناء مما يجري من تشتت بالشرق الأوسط، لكن هذا أكيد ليس بمبرر، وإنما يجب أن نرص الصفوف خدمة لقضيتنا.

والجميع يعرف أن القائد حبيب جبر بذل جهدا كبيرا في رص الصف الأحوازي، واستطعنا تحت قيادته الحكيمة تحقيق ذلك، وقد ابتعد جبر عن كل المغرضين والطاعنين، وأيضا كل من لم يخدم القضية أو لم تكن من أولوياته، ولكن بعد اعتقاله ومع الأسف عادت المصالح الشخصية إلى الساحة من جديد.

أحوازيون في كندا يجتمعون أمام البرلمان للفت الانتباه إلى محنة شعبهم المحتل (اليوم)


- خارج نضالكم السياسي الذي يعتبره البعض متواضعا، هناك انقسامات واسعة بين صفوف حركاتكم، هل هذا عدم نضوج سياسي، أو لوجود أجندات متناقضة بين تيارات فكرية تقف خلفها قوى وتنظيمات دولية؟

أستطيع أن أقول الأكثرية هي خلافات شخصية وعلى منافع شخصية سواء مادية أو حزبية أو حتى حب الـ«أنا» عند البعض من المحسوبين على القضية الأحوازية مع كل الأسف، وأيضا يجب ألا ننكر أن للمحتل عملاءه بالساحة السياسية، وهناك من يخدمهم بصورة مباشرة، أو من دون وعي، وذلك يعود كله إلى نقطة واحدة وهي النضوج السياسي، علما أن من يكون له «النضوج السياسي» وقادر على خوض المرحلة تتم محاربته من البعض خوفا من أن يعلو كعبه.

- رئيس حركة النضال العربي حبيب جبر، بالسجون الأوروبية، ما مستجدات قضيته، وهل تتوقعون الإفراج عنه قريبا؟

المستجدات هي أن القضية دخلت محورها القضائي، والمحكمة جارية منذ أشهر لكن بسبب العطلة الصيفية وأيضا ظروف كورونا تأخرت نوعا ما الإجراءات، ونحيطكم علما أن التهم التي كانت على القائد ورئيس الحركة الأخ حبيب جبر، كانت مجرد ادعاءات وحتى الآن، لم تثبت إدانته بأي منها.

وفي القادم القريب بإذن الله سوف تتضح الأمور، ونتوقع ذلك خلال الشهرين القادمين إن شاء الله الإفراج عن القائد حبيب جبر، وسنعتبرها بداية جديدة وانطلاقة أقوى مما كانت عليها لخدمة القضية الأحوازية.