خالد الشنيبر

من أهم المراحل، التي ينبغي العمل على إستراتيجيات خاصة لها هي مرحلة «ما قبل الانتقال لسوق العمل»، فهناك غياب مشترك في التنسيق بين أكثر من جهة فيما يخص الفائدة المرجوة من الاستثمار في التعليم لمواردنا البشرية، وبتشخيص العديد من المؤشرات نجد أن مرحلة «ما قبل الانتقال لسوق العمل» ما زالت مجهولة ولم يتم التطرق لأهميتها، وتلك المرحلة تحتاج لتدخل عاجل من خلال إطلاق مبادرات متنوعة مما يسهل ذلك من دخول حديثي التخرج لسوق العمل بشكل سلس ومرن.

الانتقال من مرحلة التعليم لسوق العمل مباشرة بدون تهيئة الخريجين يعني أننا لم نشخص قضية البطالة بالشكل الشامل، والمؤشر على صحة ذلك هو صعوبة توظيف حديثي التخرج مقارنة بغيرهم، ولذلك من المهم وجود تهيئة فعالة للطلاب قبل تخرجهم حتى لا يتم هدر استثمارنا في التعليم، وأساس هذا التوجه هو البدء في تحديد مهارات وكفاءات يحتاجها سوق العمل خلال السنوات القادمة، والعمل على تطبيق مبادرات نوعية لهم أثناء المراحل الدراسية.

المتغيرات العديدة، التي طرأت على سوق العمل كانت تنصب بشكل كبير في التركيز على إيجاد الحلول للفجوة بين تكلفة العامل السعودي وغير السعودي، وتأخرنا كثيرًا في إيجاد الحلول للفجوة بين احتياجات سوق العمل ومخرجات المؤسسات التعليمية، ولو شخّصنا الوضع الراهن فسنجد أن مؤسساتنا التعليمية تتهم قطاع الأعمال بعدم الاهتمام بتوظيف خريجيها والتوجّه لاستقطاب العمالة الأجنبية رخيصة الأجر، وقطاع الأعمال يتهم المؤسسات التعليمية بضعف مخرجات التعليم وعدم تناسبها مع احتياجات سوق العمل، وهذا السيناريو سيستمر على نفس الحال حتى لو كانت هناك قرارات توطين «مُلزمة».

من اطلاع على سوق العمل نجد أن الغالبية من الخريجين غير ملمين بنظام العمل السعودي لمعرفة حقوقهم وواجباتهم، بالإضافة لضعف قدراتهم على كتابة سيرهم الذاتية بالشكل المناسب لتسويق مؤهلاتهم ومهاراتهم، ويفتقدون لكثير من المهارات، التي يحتاجها سوق العمل بالوقت الحالي، ولذلك من المهم أن تتم إعادة النظر في مدة ومتطلبات التدريب التعاوني أو التدريب الصيفي للطلاب قبل تخرجهم، وإعادة صياغة سياساتها بشكل مطور حتى نصل للفائدة القصوى منها.

إضافة لذلك؛ هناك غياب لتهيئة خريجي الابتعاث الخارجي، فللأسف نجد أن سقف توقعاتهم عالٍ جدا، خاصة لحملة شهادات البكالوريوس وما فوق، ولا يتماشى مع واقع سوق العمل في ظل المتغيرات العديدة، التي طرأت وستطرأ عليه، وهذا الأمر يعتبر خللاً يحتاج لمعالجته بشكل عاجل من خلال التواصل المباشر معهم قبل تخرجهم وعودتهم للمملكة.

التخصصات الدراسية تحتاج لمراجعة بشكل دوري، فهناك تخصصات نحتاج لزيادة عدد المقبولين فيها، وتخصصات نحتاج لتعليق قبول الطلاب فيها، ولو كان بيدي من الأمر شيئاً فسيكون ذلك من خلال التركيز على التعليم التقني والفني بشكل أكبر، وتكثيف الجهد لتحسين نوعية ومستويات المهارات لمخرجاته حتى نواكب المستويات العالمية، ونلبّي احتياجنا من المهن والتخصصات التقنية والمهنية في سوق العمل السعودي، فالأمر كما هو واضح للجميع لا ينحصر فقط في التعليم، بل يشمل المهارات، التي ستكون الأساس، الذي يُعتمد عليه في التوظيف المستقبلي.

وجود مجالس استشارية خاصة في سوق العمل في كل مؤسسة تعليمية يعتبر أمرا أساسيا، فتلك المجالس سيكون دورها كبيرا في تعزيز الترابط ما بين مخرجات المؤسسات التعليمية وسوق العمل، وسيساهم ذلك في تقوية التواصل ما بين المؤسسات التعليمية وأصحاب العمل.

ختاما: كوجهة نظر شخصية أرى أهمية عالية لوجود برنامج وطني لتنمية مهارات الثروة البشرية السعودية، خصوصًا قبل الانتقال لسوق العمل، ويرتبط هذا البرنامج بوجود وثيقة خاصة «وثيقة المهارات» لكل طالب من طلاب المملكة ويحتوي على ملخص لأهم المهارات، التي تم تدريبه وتطويره عليها خلال المرحلة الدراسية، بالإضافة للبرامج التي شارك فيها خلال نفس المرحلة، وستعتبر تلك الوثيقة كداعم إضافي له بجانب شهادته العلمية.

@Khaled_Bn_Moh