خالد الشنيبر

في أكبر إطلاق تقني من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أعلنت المملكة في الأسبوع الماضي عن حزمة من المبادرات النوعية والبرامج التقنية بقيمة إجمالية تُناهز أربعة مليارات ريال بالتعاون مع 10 من أهم عمالقة التكنولوجيا في العالم، تعزيزًا للقدرات الرقمية وتحقيق هدف مُبرمج من كل 100 سعودي بحلول العام 2030م، وتشجيع الابتكار والإبداع وتحقيق الريادة العالمية.

الثروة البشرية السعودية تنتظر إبداعات ومبادرات نوعية تفيد اقتصاد المملكة اليوم وفي المستقبل مثل المبادرات الأخيرة، التي أطلقتها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، والتي تستهدف تطوير الثروة البشرية السعودية سعياً إلى الريادة التقنية والرقمية في المنطقة والعالم كافة، ثروة تنتظر تحرك كل وزارة وجهة لتطلق مبادراتها المستقبلية النوعية وبشكل مناطقي حتى تستفيد من الميز التنافسية لكل منطقة من مناطق المملكة الإدارية، ثروة لم ولن تنسى كلمات سيدي ولي العهد حينما قال في أحد اللقاءات «همتنا مثل جبل طويق» وَ«طموحنا عنان السماء».

نتطلع لأن نرى المبادرات النوعية الضخمة، التي تستهدف تجهيز كفاءات سعودية مختصة في تخصص الموارد البشرية بتطبيق جميع ممارساته العالمية، ونتطلع لأن نرى المبادرات النوعية الضخمة، التي تستهدف وجود كفاءات سعودية في العلوم المالية والاكتوارية، ونتطلع لأن نرى المبادرات النوعية الضخمة، التي تستهدف تجهيز كفاءات سعودية في الصناعات المتطورة الحديثة والطاقة المتجددة، ونتطلع لأن نرى المبادرات النوعية الضخمة، التي تستهدف تجهيز كفاءات سعودية في الإعلام الجديد، وما ذكرته هو جزء من توجهات وظيفية مستقبلية عالمية ينبغي علينا العمل والتركيز عليها من اليوم.

لو لم تكن هناك وظائف تطويرية ومميزة في سوق العمل ويمكن شغلها من خلال ثروتنا البشرية فلن تجد غيرة العديد من الكتّاب والمختصين للمطالبة فيها كأحقية لأبناء الوطن، وبما أن ملامح وظائف المستقبل بدأت بالوضوح لنا فستستمر أقلامنا بالتوصية في توطينها وتجهيز ثروتنا البشرية لها، وهذا الفرق بيننا وبين مَنْ يؤيد رفع معدلات التوطين في الأنشطة غير النوعية مثل الخدمات الشخصية بما فيها المغاسل والصالونات الرجالية والنسائية ومحطات الوقود والبقالات وعربات الأطعمة وما شابهها، فتلك الحلول لا تتماشى مع تطورات الاقتصاد السعودي ولا طموح الثروة البشرية السعودية حتى نركز عليها برفع نسب التوطين فيها بمعدلات مقاربة أو تزيد على معدلات التوطين المطلوبة كحد أدنى في الصناعات التحويلية على سبيل المثال.

كوجهة نظر شخصية، مازلت أرى ضرورة لوجود «جهة مستقلة» مختصة في متابعة التحول المستقبلي للوظائف وتأثيرها على سوق العمل السعودي، وذلك لعدة اعتبارات من أهمها، أن الأتمتة بدأت بالدخول القوي للسوق السعودي في آخر السنوات، و«أغلب» قرارات التوطين مازالت تتركز في الوظائف التكميلية والبدائية، التي تقضي الأتمتة على تواجد أغلبها خلال فترة قصيرة، وأضرت بقطاع الأعمال بدلاً من دعمه مما تسبب ذلك في تصدير عدد كبير من الوظائف لخارج المملكة، بالإضافة للزعزعة التي حدثت من تغيير لطبيعة الأعمال والوظائف من خلال ما شاهدناه من خلال أزمة فيروس الكورونا.

ما ذكرته أعلاه ليس بتقليل من جهود أي جهة، ولكن من حقنا أن نشيد بالجهات، التي نلمس أثر مبادراتها النوعية وانعكاس ذلك على جانب التوظيف النوعي للثروة البشرية السعودية، فنحن اليوم في تسارع مع التطورات العالمية في قطاع الأعمال، وبإذن الله نحن لها بقيادة مهندس الرؤية سمو سيدي ولي العهد -حفظه الله-.

مازلت أتذكر كلمات سمو سيدي ولي العهد -حفظه الله- حينما قال في أحد اللقاءات إن عام 2015م كان عاماً صعباً، و80%؜ من الوزراء في ذاك الوقت غير أكفاء، والخط الثاني من القيادات «نواب وَوكلاء» كان شبه معدوم في الوزارات، وأغلب مَنْ يعمل فهو يعمل بشكل روتيني لتخليص المعاملات والإجراءات دون وجود لعمل إستراتيجي وتخطيطي لتحقيق أهداف المستقبل.

ختاماً: من تميز في مجال وتخصص محدد، فمن المهم دعمه ليستمر نجاحه في نفس المجال، والقطاع العام ينبغي أن يقوده قيادات بفكر أعلى من قيادات القطاع الخاص، وهذا ما لمسناه من المبادرات النوعية الأخيرة، التي تم الإعلان عنها في الأسبوع الماضي.

@Khaled_Bn_Moh