د. أحمد عبدالله الكويتي

منذ مطلع القرن الحادي والعشرين يشهد العالم نقله حضارية هائلة شملت كل أوجه ومجالات الحياة، فبرزت معطيات جديدة تحتاج إلى خبرات جديدة، وفكر جديد ومهارات جديدة للتعامل معها بنجاح، وهذه التحولات قد ألقت ظلالها على بنية النظام التربوي، فأصبحت الحاجة ماسة إلى الاعتماد الأكاديمي.

ويعد التعليم من أولويات سياسات وبرامج الدول على كافة مستوياتها، المتقدمة منها والنامية، فجوهر الصراع العالمي في المستقبل هو في حقيقته تنافس تعليمي، وقد أثبتت الدراسات المقارنة والتجارب الدولية أن آلية التقدم الحقيقية هي التعليم، فالتعليم يعد بمثابة المحرك الرئيس لمجتمع المعرفة.

وفي إطار هذا التوجه سعت معظم المؤسسات التعليمية على اختلاف مراحلها إلى اعتماد برامجها الأكاديمية وأصبح الاعتماد البرامجي اتجاها عالميا، وتم الاهتمام به عالميا ومحليا، ونتيجة لزيادة الاهتمام بالاعتماد وأهميته أنشئ العديد من هيئات الاعتماد الأكاديمي في مختلف دول العالم لاعتماد المؤسسات التعليمية وبرامجها وتحسين أدائها، وعلى سبيل المثال محليا يوجد المركز الوطني للتقويم والاعتماد الأكاديمي الذي يتبع لهيئة تقويم التعليم والتدريب.

والاعتماد الأكاديمي هو دليل أو اعتراف تمنحه جهة متخصصة باستيفاء المؤسسة لمعايير الجودة على المستوى الوطني أو العالمي. وقد أصبح الاعتماد الأكاديمي إطارا مرجعيا لمعظم مؤسسات التعليم العالي في العالم، ومنهجا ثابتا في محاولاتها لتقييم الأداء في الكليات والمؤسسات التعليمية وتطويره بصورة مستمرة.

وإذا كان الاعتماد يمثل أهمية وضرورة لكافة الدول، فإن الاعتماد الأكاديمي خاصة لا يقل أهمية، حيث تعمل جميع الدول الآن على اعتماد برامجها الأكاديمية.

ولقد تزايد الاهتمام بقضية الاعتماد الأكاديمي والجودة الشاملة في التعليم إلى الحد الذي جعل المفكرين يطلقون على هذا العصر «عصر الجودة الشاملة»، باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لنموذج الإدارة الجديد الذي نشأ لمواكبة المتغيرات الدولية والمحلية ومحاولة التكيف معها، وأصبح المجتمع العالمي ينظر إلى الجودة والإصلاح في مجال التعليم بوصفهما وجهين لعملة واحدة.

وإدارة الجودة الشاملة تمثل شكلا تعاونيا لأداء الأعمال بتحريك المواهب والقدرات لكل من العاملين والإدارة لتحسين الأداء والخدمات المقدمة بشكل مستمر وذلك من خلال فرق العمل، وهذا يتضمن المقومات الأساسية الثلاثة لإدارة الجودة بنجاح في أية مؤسسة، وهي: الإدارة التشاركية، والتحسين المستمر للكيفية التي تجرى بها العمليات، وفرق العمل.

وخلاصة القول لقد ظلت نظم التعليم فترة طويلة من الزمن تعتمد على الكفاية الكمية لمخرجاتها، دونما اهتمام كبير بالكفاية النوعية، مما أغرق سوق العمل بأعداد كبيرة من مخرجات غير مؤهلة لتغطية متطلبات سوق العمل، ونتيجة لذلك فقد أوصت العديد من التقارير والمؤتمرات بضرورة إصلاح التعليم، والرقي بمستواه، ومعالجة عيوبه، وتطوير مبانيه وإمكاناته البشرية والمادية.

@Ahmedkuwaiti