صالح شيحة

مَنْ منكم يريد أن يكون مفضوحاً؟

بالطبع، لن يرفع أحد يده، ولن يقول أحد أنا.

فجميعُنا -إلا مَنْ فقد عقله- يريد الستر من الله؛ فاللهم استرنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض عليك.

إذاً ما الداعي وراء طرح هذا السؤال؟ إن كان الجميع يحبون الستر.

بالطبع، لكل قاعدة شواذ، وهناك مَنْ يسعى لفضح نفسه؛ من أجل هدف يرجو تحقيقه.

لقد شاهدت فيلماً هندياً، بطلة الفيلم تقوم بدور ممثلة، ابتعدت عنها الأضواء، وقلت نجوميتها، بل وفشل فيلمها الأخير، ولم يحقق الإيرادات المرجوة.

واقترب عرض موعد فيلمها الجديد، وتخشى من الفشل كالفيلم السابق.

ماذا فعلت إذاً؟ لقد استمعت لاقتراح مديرة أعمالها، بتسريب مشهد إباحي يجمع بينها وبين بطل الفيلم الجديد دون علمه، من أجل تسويق الفيلم.

لقد نجحت الخطة، وتحقق الهدف، وامتلأت صالات العرض، وارتفعت أرقام الإيرادات.

ولكن لم تهنأ بطلة الفيلم بعد ذلك براحة البال أبداً.

ولنذهب إلى واحدة أخرى، ولكنها لا تقوم بتسريب مقاطع إباحية لها مثل الأولى، وإنما تقوم بتسريب أفلام رعب حقيقية حدثت بالفعل؛ لنشر الرعب والخوف بين البشر.

بالطبع، لم تعترف بأنها مَنْ قامت بتسريب هذه الأفلام، وإنما تم تسريبها دون علمها.

ولأنها طيبة ولا تعرف الانتقام، فلم تسع لمعرفة مَنْ قام بهذه التسريبات.

والدليل أنها لم تكن تعلم أنها باينة (متفهمش غلط)، وتم تصويرها دون علمها. أنها وافقت على عرض جميع أفلامها في وسائل الإعلام العالمية -المتحكمة فيها- التي تكشف أنها تُعري الأجساد المستورة، وتصعق بالكهرباء، وتغتصب الأطفال والنساء والرجال، وتمزق القرآن الكريم (فضيحة سجن أبو غريب) ولا مانع من عرضها.

وما حدث من تقييد لأيدي السجناء، وتعليقهم في سقف زنازينهم، وحرمانهم من النوم، وركلهم وضربهم وإذلالهم جنسياً، وتهديدهم بالكلاب البوليسية (فضيحة قاعدة باغرام الجوية) ولا مانع من العرض.

وما حدث من اعتقالات لمسلمي أمريكا بملابس لا تليق، وإطلاق النار على الجرحى في العراق.

وما كان يحدث من الجنود، عندما يقتحمون منازل الأفغان والعراقيين، وتدمير الممتلكات وإهانتهم.

كل هذه الأفلام، كان الغرض من إنتاجها، تحقيق أعلى نسبة مشاهدة، والهدف: يجب على الجميع الخوف.

إلا فيلم واحد، قام بإنتاجه ديفيد كيلي (الخبير النووي والمفتش على الأسلحة المزعومة في العراق)، أظهر فيه حقيقة أنها كاذبة بادعاء الأسلحة الموجودة في العراق.

والحقيقة أن ديفيد كيلي قد أخطأ، ولذلك انتحر، لقد خرج عن النص، وقام بالارتجال، فهي سيدة عظيمة تسامح من ينعتها بالقاتلة، ولكنها تغضب ممن يصفها بالكاذبة.

@salehsheha1