وليد الأحمد

عندما سئل المناضل الليبي عمر المختار عن التفوق العسكري الكبير للغزاة الإيطاليين مقابل القدرات المتواضعة للمقاتلين الوطنيين في الفيلم التاريخي، الذي أدى بطولته الممثل الأمريكي أنطونيو كوين قال «يأتون كالأسود ويذهبون كالنعاج المنهكة». تذكرت هذه العبارة وأنا أشاهد عناوين الأخبار سيطر عليها في الأيام الأخيرة سقوط العاصمة الأفغانية كابول في أيدي مقاتلي طالبان بعد هروب القوات العسكرية الأمريكية وحلفائها الغربيين.

العبارة تطابقت أيضا مع تحليل نيويورك تايمز الأمريكية للأحداث المتسارعة في أفغانستان مؤخراً إذ اعتبرت أن اجتياح طالبان هو نتيجة طبيعية للحسابات الأمريكية الخاطئة، فالجيش الأفغاني لم يؤمن بنفسه، كما أن الرئيس الأمريكي جون بايدن ومعظم الأمريكيين لم يؤمنوا بما يقومون به هناك لذا كان القرار بوضع نهاية سيئة لأطول حرب أمريكية في التاريخ.

صحيح أن المشهد كان أقرب إلى ترجمة الاتفاق، الذي جرى في الدوحة فبراير الماضي بين طالبان من جهة، وأمريكا وحلفائها في الناتو من جهة أخرى، وقضى بسحب القوات الغربية من أفغانستان خلال 14 شهراً، في حال إيفاء حركة طالبان بالتزاماتها. لكن بدا من المحير أنه وعلى مدى عقدين من الحرب في أفغانستان كانت هناك مبالغة في تقدير ثمار أكثر من 83 مليار دولار أنفقتها الولايات المتحدة على تدريب قوات الأمن الأفغانية وتجهيزها والاستهانة بقدرات طالبان. أصدر البنتاغون تحذيرات رهيبة إلى بايدن حتى قبل توليه منصبه بشأن احتمال اجتياح طالبان للجيش الأفغاني، لكن التقديرات الاستخباراتية، التي تبين الآن أنها أخطأت الهدف بشكل كبير، قدرت أن ذلك قد يحدث خلال 18 شهرًا، وليس أسابيع.

لخصت الصحيفة الانهيار السريع بالفساد المستشري، وفشل الحكومة في دفع رواتب العديد من الجنود الأفغان وضباط الشرطة لأشهر، والانشقاقات، وإرسال الجنود إلى الجبهة دونما تزويدهم بما يكفي من الطعام والماء الكافيين، ناهيك عن الأسلحة، وغياب التخطيط للطوارئ، فإذا كان الجميع يعلم أن أمريكا متجهة للانسحاب، فلماذا لم تكن لديهم خطة لإنجاح هذا الانسحاب؟

بغض النظر عما كانت عليه الأمور في أفغانستان قبل الحرب في 2001 وما ستؤول إليه لاحقاً، خرجت أمريكا وحلفاؤها الغربيون من الباب الصغير.

woahmed1@