علي بطيح العمري

من النجاح الاهتمام بما يعزز صحتنا النفسية والذهنية.. ولربما كان النظر إلى ما في أيدي الناس من النعم والمزايا، التي وُهبوها مقابل غض البصر عما في أيدينا من النعم مسبب للقلق ويحمل على الحسد وكره الذات والحياة.

وفي الحديث قال -عليه الصلاة والسلام-: (انظروا إلى مَنْ هو أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى مَنْ هو فوقَكم، فإنه أجدَرُ أن لا تزدَروا نعمةَ اللهِ عليكم).

* إحدى مشاكلنا هي (تغطية) عيوننا.. نحصي ما نفقد من النعم أكثر من عد النعم، التي نسبح فيها ونستظل بظلالها..

نعيش في نعم كثيرة لكن حالنا معها كحال أبينا آدم، الذي انشغل بالشجرة المحرمة وترك بقية النعم، ننسى النعم الموجودة ونتشوف للأشياء البعيدة.

* يقارن ذاته بالآخرين وفق زوايا محددة.. يقارن نفسه بجيرانه ومعارفه من حيث مساحة البيت ونوعية الأكل والسيارة والوظيفة.. وينسى أن لديه صحة، وأسرة متآلفة، وأولاداً متفوقين.

* عند انشغالك بالمقارنة مع الغير طالع من كل زوايا الحياة، فالأمور المعنوية قد تكون أهم من الأشياء المادية.. فالرزق لا يشترط أن يكون في المال، هناك مَنْ يُرزق راحة البال، وغيره الصحة، وثالث له مكانة اجتماعية، ورابع يمتلك موهبة يتمناها الكثير.

ثم إننا لما ننظر إلى نعم الآخرين.. نحن ننظر إلى جزء من الصورة، لا ندقق في حقيقة الصورة ولا نعرف خلفيتها..

فما يدريك أن ذلك الثري الذي يتلاعب بالدراهم يفتقد الصحة.. فبعض الأدواء لا يمكن شراء دوائها.. وتلك الزوجة المدللة التي تتصدر الإعلام الجديد وتظهر سفرياتها والأسواق، التي تؤمها لربما كانت عقيماً تتمنى ولداً تحتضنه.. ذلك الطالب الموهوب والمتفوق ربما لو اطلعت على ظروفه الاقتصادية والعائلية لملئت رعباً من معاناته، وصاحب الوظيفة المرموقة قد يكون مبتلى بأولاد عاقين ويتمنى أولاداً صالحين.. وهكذا حال الناس وهذا هو حال الدنيا إن ابتسمت لأحد فقد عبست في وجهه من جوانب أخرى، فالأشياء ليست كما تبدو لنا، والصورة التي تراها من حياة الناس هي صورة مقصوصة وغير مكتملة.

وأخيراً..

انشغالنا بنعم الناس يحملنا على عدم شكر النعم التي ننعم بها.. فشكر المنعم سبحانه عبادة عظيمة تديم النعم.

* قفلة..

قال تعالى: (وقليل من عبادي الشكور).. كن من القليل يزداد أجرك وتدوم نعمك!

@alomary2008