د ب أ - واشنطن

تقوي موقف طهران بنهاية المطاف ولن تلبي الأهداف المرجوة من ذلك الاتفاق

لم تخلُ سياسة الإدارة الأمريكية الحالية تجاه إيران ومساعيها للعودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الإدارة السابقة، من الانتقادات على مستويات عدة من جانب من يرى أن ذلك سوف يعزز موقف طهران في نهاية المطاف ولن يلبي الأهداف المرجوة من ذلك الاتفاق.

ويتساءل العالم السياسي الأمريكي من أصل إيراني، والباحث في جامعة هارفارد، مجيد رفيع زادة، في تقرير نشره معهد «جيتستون» الأمريكي قائلا: «لماذا تواصل إدارة الرئيس جو بايدن التفاوض مع ملالي إيران لإحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات المفروضة عليهم - وهو عمل من شأنه أن يعزز نظامهم بشكل كبير - بعد أن تورطت البلاد، خلال المحادثات النووية، في التخطيط لاختطاف مواطنة أمريكية في بروكلين بنيويورك؟».

ويضيف: إنه حتى صحيفة «واشنطن بوست» أشارت إلى أن محاولة الاختطاف يجب أن تكون تحذيرا خطيرا لإدارة بايدن، حيث قالت: «إن الرسالة لإدارة بايدن، التي أعلنت مرارا عزمها الدفاع عن المنشقين المؤيدين للديمقراطية، هي أن إيران وغيرها من الديكتاتوريات الأجنبية لن تتراجع عن شن هجمات داخل الولايات المتحدة ما لم يتم ردعها».

التذلل والاسترضاء

ويقول مجيد رفيع زادة: «من الواضح أن اتباع نظام من التذلل والاسترضاء من جانب الولايات المتحدة لن يردع إيران وغيرها من الديكتاتوريات الأجنبية عن الشروع في أعمال عدائية متزايدة».

واتهمت السلطات القضائية الأمريكية أربعة إيرانيين، بالتآمر لاختطاف الصحفية «مسيح علي نجاد»، التي تحمل الجنسيتين الأمريكية والإيرانية.

واتُهم شخص خامس، وهو من سكان كاليفورنيا، وينحدر من إيران أيضا، بتقديم مساعدة مالية للمؤامرة، والتآمر على انتهاك العقوبات، والتآمر لتنفيذ أعمال احتيال مصرفية وإلكترونية والتآمر لغسل الأموال. وقالت أودري شتراوس، المدعية العامة الأمريكية للمنطقة الجنوبية من نيويورك: «كما أُعلن، قام أربعة من المتهمين بمراقبة والتخطيط لاختطاف مواطنة أمريكية من أصل إيراني كانت تنتقد نظام الحكم الاستبدادي للنظام، لأخذ ضحيتهم المقصودة قسرًا إلى إيران، حيث كان مصير الضحية سيصير غير مؤكد في أحسن الأحوال».

ويقول رفيع زادة: إن محاولة إيران اختطاف مواطنة أمريكية على الأراضي الأمريكية، تعتبر انتهاكًا للسيادة الأمريكية بشكل فعّال، ومع ذلك، لا تلتزم إدارة بايدن الصمت بشأن الحادث فحسب، بل أعلنت بعد محاولة الاختطاف أنها ستواصل المضي قدمًا لإحياء الاتفاق النووي «البشع» لعام 2015، الذي لا يسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية غير محدودة بعد تاريخ انتهاء الاتفاق فحسب، بل يرفع أيضًا العقوبات التي تضر حاليًا باقتصاد الملالي، ويبدو أن الأمريكيين يريدون مكافأة الملالي على سيطرتهم على سوريا واليمن ولبنان والعراق وربما الأردن قريبًا، ويتساءل رفيع زادة مستنكرًا: «فما الحافز الذي يدفع الملالي إلى التوقف؟».

القلق البالغ

ويضيف زادة: «إنه من دواعي القلق البالغ أيضًا أنه من الواضح أن طهران لديها عملاء داخل الولايات المتحدة».

وقال: «تفيد التقارير بأن النظام الإيراني استأجر أشخاصًا للقيام بعملية التحري في مانهاتن لمراقبة نجاد وكانوا يخططون لإرسالها إلى فنزويلا على متن قارب ثم إلى إيران».

ويقول زادة إن «النظام الإيراني يتمتع بعلاقة رائعة مع فنزويلا ويواصل توسيع علاقاته العسكرية والسياسية والاقتصادية معها. والواقع أن النظام يستخدم فنزويلا منذ سنوات لزيادة نفوذه، ووجود وكلائه، في أمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية، وقد منحت فنزويلا آلاف جوازات السفر للإيرانيين، وهي وثائق يمكن استخدامها بعد ذلك للسفر إلى أمريكا الشمالية أو أوروبا».

ويبدو أن الولايات المتحدة أصبحت قلقة قبل بضع سنوات فقط من وجود وكلاء إيران في فنزويلا، وقال السفير ناثان سيلز، منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، قبل أكثر من عام: نحن قلقون من توسيع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو للملاذ الآمن لعدد من الجماعات الإرهابية، مثل جيش التحرير الوطني على وجه الخصوص، والمنشقين عن القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) الذين رفضوا اتفاق السلام، ومؤيدي «حزب الله» والمتعاطفين معه.

إسكات الحرية

ويرى زادة أنه «على الرغم من أن هذه هي المرة الأولى التي يضبط فيها النظام الإيراني وهو يحاول اختطاف أحد المنشقين على الأراضي الأمريكية، فهي ليست المرة الأولى التي تحاول فيها طهران اختطاف أو استدراج المعارضين والصحفيين للعودة إلى إيران، أو إسكات حرية التعبير، وتم إعدام منشق معروف في أواخر عام 2020 في إيران، ويقال: إن روح الله زم، وهو صحفي عاش في المنفى في فرنسا، وأدار موقعا إخباريا على الإنترنت يسمى «آمد نيوز»، قد اختطفه عملاء يعملون لصالح النظام الإيراني بعد وقت قصير من مغادرته إلى العراق في 11 أكتوبر 2019».

واعتبر زادة أنه منذ الثورة في عام 1979، يبدو أن طهران تحاول أن تصبح القوة المهيمنة ليس فقط في الشرق الأوسط، من خلال مناورات مستمرة للسيطرة على لبنان وسوريا والعراق واليمن والضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه، فإنها توجه تحذيرا لسكانها بأن أي معارضة للمؤسسة السياسية ستُعامل بقسوة، ويقول زادة: «حتى وجودي في الولايات المتحدة لم يعد آمنا بعد الآن». ويختتم زادة تقريره بالقول: إن إدارة بايدن الآن وفي حرصها على استئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي الميؤوس منه الذي يرسخ قدرة إيران على امتلاك سلاح نووي، قد شجعت النظام الإيراني ببساطة، ويتساءل: «هل سترى إدارة بايدن أنه ببساطة لن تنجح المفاوضات والتنازلات وتقديم حزم الحوافز للملالي؟».