لواء. م. محمد مرعي العمري

* لعل العنوان يبدو غريباً أو غير مألوفٍ كما اعتاد الإعلام أو المتخصصون في بحث قضايا حوادث الإرهاب أن استخدام هذا المصطلح لا علاقة له بالرياضة، وقد يتساءل البعض عن دواعي هذا الربط.!! لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن ممارسة العنف ضد الغير تبعاً لما يخالف انتماء وميول المعتدي هو ضربٌ من ضروب الأعمال الإرهابية باعتبار ارتكابه على حساب المُثُل والقيم الواجب مراعاتها بين المجتمعات أمرا ممقوتا. *

* نعم..... هذه هي الحقيقة التي حدثت في إحدى كبريات عواصم العالم ولدولةٍ ينظر -زوراً وافتراءً- إلى شعبها بأنه شعبٌ متحضِّرٌ، وأن قوانين العيش فيه تقوم على مبادئ الديمقراطية واحترام الآخر، وقد صدَّعوا بها أروقة الهيئات والمنظَّمات والمؤتمرات، التي تدَّعي صون حقوق الإنسان، ولكن بعدما طالعتنا بداية هذا الأسبوع مقاطع ومناظر مقزّّزة قبل وبعد إقامة مباراة نهائي كأس الأمم الأوروبية 2020 في لندن بين منتخبي إنجلترا وإيطاليا فأعتقد بأنها قد سقطت ورقة التوت.*

* فقد شاهد العالم ما حدث من ممارساتٍ أقرب للبهيميةٍ المتعمَّدةٍ والمتمثلة في أعمال التخريبٍ وإلقاء المخلفات والأوساخ عنوةً في الشوارع والطرقات المؤدية إلى ملعب (ويمبلي الشهير) قبل بدء المباراة ثم ما تم توثيقه ورصده بعد انتهاء الحدث بخسارة منتخب إنجلترا من أفعال المشجعين الإنجليز أنفسهم من اعتداءاتٍ بالضرب على المشجعين الطليان في تصرفاتٍ لا تمت للروح الرياضية ولا إلى أبسط مبادئ التنافس الشريف بأي صلةٍ.*

* وعوداً على بدء فيما يتعلق بعنوان المقال وبعيداً عن أحداث المباراة وأحقية الفوز المستحق للمنتخب الإيطالي بنتيجتها، إلا أن ما تمخض من ردَّة فعلٍ لدى الإنجليز لا شك أنه من أصناف الإرهاب المكتمل الأركان إذا ما أخذنا في الحسبان بأن مشجعي أي نادٍ أو منتخبٍ قد حضروا للاستمتاع ولمؤازرة فريقهم وربما قطعوا مسافاتٍ طويلةً أو قدموا من خارج البلاد، التي تقام فيها المباراة ثم يفاجؤون بأن المتعة التي قدموا من أجلها قد تحولت الى أفعالٍ مشينةٍ، واعتداءاتٍ صارخةٍ وتهديدٍ لحياتهم حتى وصل الأمر أن يتمَّ نقل البعض منهم في حالاتٍ إسعافيةٍ طارئة الى أقرب المصحات القريبة من مكان المباراة، وذلك فقط لأن فريقهم الذي يميلون لتشجيعه قد كسب الرهان وفق قوانين اللعبة المتبعة.*

* وقد عُرف عن المشجعين الإنجليز أكثر من غيرهم ما يمكن أن يطلق عليه بلا تحفظ أنها من أعمال البلطجة وإثارة أحداث الشغب الدامية في كثيرٍ من المباريات، وقد تكرر ذلك غير مرَّة، يقابل ذلك تساهلٌ غير مبرر وعدم إيقاع العقوبات الصارمة للحيلولة دون تكرار ما حدث سواءً من الهيئات والمنظمات الرياضية المعنية بإقامة وتنظيم المنافسات، أو من أجهزة الحكومة المعنيِّة بحفظ الوضع الأمني وتوفير الحماية اللازمة لمَنْ يحضر تلك المنافسات.*

* وأمام ما حدث وما تمَّ تداوله طوال الأيام الماضية، فمن حقُّ كلًّ ذي رأيٍ أن يقول إنها فعلاً قد سقطت أقنعة الزيف وبطلان دعاوى مَنْ نصَّبوا أنفسهم بأنهم «العالم الأول المتحضّر»، وما يتشدقون به من خلال مناداتهم بتطبيق الديمقراطية والتحلي بالقيم الإنسانية، أما عن مخالفتهم لمبادئ نظافة الجوهر والمظهر، فقد تكون لي عودةٌ في مقالٍ قادمٍ، لكن الغاية من خاطرتي لهذا الأسبوع هي تنوير بعض شبابنا المهووسين برياضة الغرب بألا ينخدعوا بهذه الحضارة مهما بلغت من شأوٍ في تحقيق البطولات طالما أنها تخلو من الأخلاق واحترام آدمية الغير، ولكي نبقى فخورين بقيمنا ومبادئنا جنباً إلى جنب مع مواكبة التقدم في المجال الرياضي.*

muhammed408165@gmail.come