عبدالله الغنام

ها نحن نعيش أيام العشر من ذي الحجة، وهي أيام تنبض بالروحانية، وتفيض بالفرص الذهبية لاغتنام الأجر والثواب. ولعلنا نعرج على بعض النقاط عن العشر من ذي الحجة، والحج لهذه السنة.

ومن أبرز الأمور أن الحج لهذه السنة سيكون مقتصرا على حجاج الداخل (المواطنين والمقيمين بإجمالي 60 ألف حاج) من أجل الظروف الراهنة والتي يمر بها العالم أجمع، حيث ضرورة تطبيق الاحترازات والإجراءات الصحية من أجل الحد من انتشار الموجة الثانية الشديدة لفيروس كورونا المستجد وسلالاتها المختلفة والمتحورة. ومما لا شك فيه أن الاقتصار على حجاج الداخل وهو قرار حكيم ومدروس من أجل سلامة الجميع، ولأن اجتماع بشر من قارات مختلفة وبلدان متنوعة في أرض واحدة ربما سيزيد الأمر سوءا، وسيؤدي أيضا إلى انتشار أوسع وأكبر عند رجوع الحجيج إلى أوطانهم. ولذلك أصبح من الضروريات والبديهيات أن تكون الصحة هي الهدف الأهم والغاية المنشودة. ومما يميز الحج أيضا هو التطور المشهود له باستخدام أفضل التقنيات الحديثة، وتسيير الخدمات أون لاين والتطبيقات من أجل خدمة ضيوف الرحمن بيسر وأمن.

وأما على المستوى الشخصي، فالاستفادة من هذه الأيام القليلة العشر والتشريق (3.8% فقط من عدد أيام السنة) سيكون من أهم وأفضل الأهداف سواء للحاج أو غيره. ومن الملاحظ أنها تمضي بسرعة! وسنتحسر عليها حين تنقضي، وسنود أن نكون قد أحسنا فيها. وحين تقرأ هذا المقال يكون قد انقضى ثلثا العشر من ذي الحجة، وهي تعتبر من أفضل أيام السنة بلا منازع حتى أن بعضا من العلماء يرى أنها أفضل من أيام العشر الأواخر من رمضان. ويكفي لهذه الأيام أن تفتخر على باقي أيام السنة بالحديث النبوي الشريف: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر. قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء». ولعل أكثرنا يعرف ذلك! ولكن المشكلة في التثاقل والكسل، والانشغال بأمور ثانوية، والاهتمام بالمفضول عن الفاضل.

ولعل من المفيد أن يكون لنا أهداف محددة في هذ الأيام، ونحاول جاهدين العمل بها حيث إنها أيام فضل وشرف وأجر. وأبواب الخير فيها كثيرة ومتنوعة، وقد تجد نفسك وهمتك في باب أكثر من آخر. ومن المهم كذلك ألا تحتقرن أي عمل خير ولو كان قليلا، فقد جاء في الحديث النبوي: «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق». فرب درهم سبق ألف درهم بالنية الحسنة والإخلاص. ورب تسبيحة واحدة لكنها من القلب تفتح أبواب السماء أكثر من أعمال أخرى فقدت الإخلاص والصدق مع الله (إنما الأعمال بالنيات). وتأكد أن العمل حتى ولو كان بسيطا في أعين الناس، فهو ربما عند الله أعظم وأفضل. ومن المهم أيضا عدم الالتفات للمثبطين أو الذين يزعمون أن العمر طويل! وأن الفرص قادمة أو غيرها من الأعذار المثبطة.

وتماشيا مع هذه الأيام الروحانية نرجو أن تتفاعل الهاشتاقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتبدأ في الدفع نحو الحث والتشجيع على هذه الأيام العشر المباركة، والبعد عن القضايا الهامشية أو المشينة احتراما لهذه الأيام، وكذلك من أجل رفع الهمم والعزائم، فالأيام تجري، والعمر يمر كلمح البصر. وصدق أمير الشعراء أحمد شوقي -رحمه الله- حين قال: دقات قلب المرء قائلة له... إن الحياة دقائق وثواني!!

وتقبل الله منا ومنكم الأعمال والنيات، وكل عام ونحن وبلادنا بخير وصحة وعافية.

abdullaghannam@