د. أحمد عبدالله الكويتي

إن جودة في كافة المجالات هي أساس لنهضة الأمم والشعوب ولا شك أن الدول التي أخذت بالجودة منهجا ودليلا في كافة برامجها ومعطياتها وطبقتها في كافة مؤسساتها تقدمت أكثر من غيرها، بل وصلت إلى مراحل من التقدم والنمو تعجز كثير من الدول أن تصل إليه في الوقت الحالي.

ومن أهم الأسئلة التى يجب أن تكون موضوعا مهما يشغل كل دولة تريد أن تنهض وتسرع في خطواتها لتلحق بركب التقدم وقطار التنمية هو السؤال الذي يدور حول أهمية الجودة بوصفها أساسا لنهضة الكثيرين. ولا شك أن الجودة من أهم الموضوعات التي يجب أن تطرح على الساحة وأن يتجدد الحديث عنها باستمرار وذلك لأهميتها وأثرها في الارتقاء بالبلدان النامية والنهوض بها لتلحق بركب البلدان المتقدمة التي أهتمت بموضوع الجودة في كل مجالات الحياة وخاصة مجال التعليم بكافة مستوياته إذ قدمت للبشرية نماذج رائعة من مفكرين وعلماء في كافة المجالات الطبية والهندسية والعلوم الإنسانية، وكان أهم دافع ومقوم لها في الوصول إلى ما وصلت إليه من التقدم الثقافي والتكنولوجي والعلمي هو الاهتمام بالجودة وتحسينها بشكل مستمر مع أننا إذا رجعنا إلى الوراء قليلا لوجدنا أن أصل ذلك التقدم راجع إلى الإسلام وتعاليمه المتمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية، الشريعة التي بينت أهمية تحسين العمل وتجويده والإتقان فيه، ولكن للأسف الشديد هي نكبة البعد عن صحيح الدين وتعاليم الإسلام، فالشريعة الإسلامية والتي استفاد الغرب منها كثيرا احتوت من النظم والخصائص ما تعجز أن تأتي به أي نظم في العالم، ولا عجب في ذلك فهي شريعة ربانية، وعالمية، وواقعية، ذات منهج وسطي قوي يحقق الخير للعالم أجمع لأن فيها الفاعلية والقوة والخلود، ولا عجب في ذلك فمصدرها هو القرآن الكريم دستور هذه الأمة لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حكيم. والتغيير إلى الجودة في كل المجالات هو سبيل التقدم والنهضة، أو كما جاء في التنزيل الحكيم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد: الآية 11)، فالتغيير سنة كونية، بل إنه عنصر أساسي من عناصر الحياة لاستمرارها في عصر يتميز بالديناميكية والحركة في شتى المجالات - خاصة العلمية منها - مما جعله سمة ملازمة لكل أنشطة الحياة وصورها، وبما أن التغيير يتم بالإنسان ولخدمة الإنسان وسبيل لنهضة الإنسان فإنه يمثل بذلك غاية ووسيلة في آن واحد، لذا يتطلب هذا أن يكون متوازنا ومحققا لأهدافه قادرا على مواجهة تغيرات العصر ومستجداته. والتغيير والتغير وجهان لعملة واحدة، أي أن كل تغير لا بد أن يصاحبه أو يتبعه عملية تغيير للتكيف مع ما يحدث من تغير، فإذا ما حدث تغير في أحد عناصر المؤسسة لا بد أن يصاحبه تغيير في العناصر الأخرى، حتى يمكن تحقيق التكامل بين جميع جوانب المؤسسة.

وخلاصة القول إذا أردنا التقدم والنهضة لا بد أن نأخذ بالتغيير إلى الجودة في كافة المجالات فهو السبيل الوحيد للنهضة والرقي وسبب رئيس من أسباب سعادة الإنسان، فمما لا شك فيه إذا كان المجتمع متميزا ومتقدما، شعر أفراده بالقوة والفخر والعزة في سد كافة الاحتياجات المرتبطة بالتطور وقيادة حركة التقدم في المجتمع، وهذا ما نراه بوضوح في المجتمعات المتقدمة.

* أستاذ جودة التعليم الطبي والرعاية الصحية المشارك

بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل

@Ahmedkuwaiti