د ب أ - واشنطن

أطلق الحزب الشيوعي الحاكم في الصين احتفالات لمدة شهر كامل، بمناسبة إحياء ذكرى تأسيسه قبل مائة عام. واصطفت أرتال من قوات المشاة في ساحة تيانانمين، بينما حلقت فوق بكين مروحية تحمل علم الحزب الشيوعي الصيني، ولافتات أخرى تخص الحزب.

وتتلخص الرسالة الرئيسية بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني في عنوان واحدة من الأغنيات الدعائية الأكثر شعبية في البلاد، وهو: «لن تكون هناك صين جديدة بدون الحزب الشيوعي»، وذلك بحسب ما يقوله الباحث الأمريكي في قضايا الأمن القومي، مارك إبيسكوبوس، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية.

ويقول إبيسكوبوس: إن أمين عام الحزب الشيوعي الصيني، تشي جين بينغ، استهل خطابه المُعد سلفا، بعبارات من التهنئة الذاتية الغزيرة، وذلك تماشيًا مع الموضوع العام للحدث. وقال: «يشرفني أن أعلن أنه نيابة عن الحزب والشعب، ومن خلال الجهود المستمرة للحزب بأكمله والأمة بأسرها، أننا حققنا الهدف المئوي الأول لبناء مجتمع ينعَم بالرخاء المعتدل في جميع النواحي».

من جانبها، قالت سارة كوك، مديرة الأبحاث في قسم شؤون الصين وهونغ كونغ وتايوان بمنظمة «فريدوم هاوس» للأبحاث، لموقع «أكسيوس»: إن خطاب تشي كان رائعًا بسبب مزجه المستمر بين الشعب الصيني والحزب الشيوعي الصيني، حيث قال: «يتوقف نجاح الصين على الحزب.. بدون الحزب الشيوعي الصيني لن تكون هناك صين جديدة ولا تجديد وطني».

وقال إبيسكوبوس: إن خطاب تشي كان يهدف بصورة جزئية إلى انتقاد الجهود المستمرة التي يبذلها منتقدوه الأجانب والمحليون من أجل وضع خط تصوري فاصل بصورة حادة بين المواطنين في الصين والطبقة الحاكمة.

وقال الرئيس الصيني: إن «التاريخ والشعب هما من اختارا الحزب.. وتعد قيادة الحزب هي السمة المميزة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وهي تشكل أعظم قوة لهذا النظام، إنها الأساس وشريان الحياة بالنسبة للحزب وللدولة، والجوهر الذي تعتمد عليه مصالح ورفاهية جميع الشعب الصيني».

وقال الباحث الأمريكي إبيسكوبوس: إن تشي ذكّر خصوم بكين بعبارات قاطعة، أن الصين لديها الوسائل والإرادة للدفاع عن نفسها على المسرح الدولي، حيث قال: «لم نقم قط بتخويف أو قمع أو استعباد الشعب في أي بلد آخر، ولن نقوم بذلك أبدا، وبالمثل، لن نسمح أبدا لأي قوة أجنبية بتخويفنا أو قمعنا أو استعبادنا».

وقال إبيسكوبوس: إن وسائل الإعلام الصينية الرسمية قامت رسميا بترجمة الجزء التالي من الخطاب، على النحو التالي: «أي شخص سيحاول القيام بذلك سيجد نفسه في مسار تصادمي مع جدار فولاذي عظيم صنعه أكثر من 1.4 مليار مواطن صيني».

وأضاف الكاتب إن الترجمة الصحيحة للنص، التي قدمها «مشروع تشاينا ميديا بروجيكت»، وهو مشروع بحثي في مجال دراسات الإعلام بجامعة هونغ كونغ، أكثر عمقا، وهي: «أي شخص يحاول القيام بذلك سيجد رأسه مكسورا ودمه يتدفق على جدار عظيم من الفولاذ مبني من لحم ودم أكثر من 1.4 مليار مواطن صيني».

من ناحية أخرى، أوضح «إبيسكوبوس» أنه تماشيا مع نفاد صبر حكومته المتزايد بشأن «حل قضية تايوان»، حث تشي الحزب على «اتخاذ إجراء حازم لهزيمة أي محاولة ترمي إلى استقلال تايوان».

وأضاف الكاتب الأمريكي في تقريره الذي نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن هذا النهج - الذي لخصه بصورة بليغة تأكيد وزير الدفاع، وو تشيان، على أن «استقلال تايوان يعني الحرب» - يسلط الضوء على التحول الصارخ في النغمة والسياسة بعيدا عن الإستراتيجية الهادئة لإعادة التوحيد، والمدفوعة بقوة أكثر ليونة، التي حددها في السابق القائد الصيني الراحل، دينغ شياو بينغ.

وقد تدفق هذا النهج الحازم للسياسة الخارجية من قيادة الحزب، وصولا إلى السلك الدبلوماسي الصيني، الذي لم يستنكف ترديد الخطاب العدائي المستمر في تعامله مع العالم الخارجي.