صالحة العسيري

«هكذا يكون الوفاء بعهدنا..»!!

قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا).

الوفاء صفة إنسانية جميلة يبلغها الإنسان بمشاعره وإحساسه، فهي صفة يشعر المرء بها دون أن يدركها إدراكاً مادياً، خلق الوفاء من أبرز كنوز الأخلاق الإسلامية ومن صفات النفوس الحرة الأبية، والقلوب الصافية النقية، وحفظ العهد والوعد واعتراف بالجميل، وعدم نسيانه من الوفاء لهم بذلك..

فالوفاء مع جميع الأشخاص (الوالدين، الزوجة، الأرحام، الأصدقاء وسائر الخلق حتى الوطن)..

فالوفاء شمعة في طريق الأمل ترسم ابتسامة رضا بريشة الحب على ورق أيامنا وليالينا..

لو نتحدث عن الوفاء في العلاقات، فما أجمل أن يكون الحب والوفاء والإخلاص في العلاقات، فلحظات العمر عندها يصبح للعشرة معنى ولسنوات الفرح والألم والرخاء والشدة لها طعم الانتصار والجمال..

من أبرز الوفاء: هو وفاء النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لزوجته خديجة -رضي الله عنها- حتى بعد مماتها، فغارت زوجته عائشة -رضي الله عنها-، مع ذلك كان وفياً لحبه لها، فهو سيد الأوفياء -صلى الله عليه وسلم-.

فكيف يكون الوفاء بعهدنا..!!

الوفاء بالعهد إنك باقٍ على ذلك العهد أي أنك أصبحت بالنسبة له تلك السماء التي لا يصلها أحد غيره، إنه قدم كل ما فيه لك أنت فقط، إنه اكتفى بك أنت عن سائر الخلق، إنك وحدك رفيق دربه وفي دعائه وملكٍ لقلبه، لا أحد سيبقى قريبا له من بعدك، فلا وفاء بلا حب وإخلاص، فهكذا يأتي الوفاء بأنك تتمنى سعادته، وإن كان بعيداً عنك، تضحك معه ولو كانت لديك أحزان، أن تكون سنداً له وغيثاً يمطر عليه كل ما مرت عليه سحابة غيم في حياته، هكذا يكون الوفاء بعهدنا..

وهناك وفاء لأشخاص لا يستحقون النسيان منا وتركوا أثراً جميلاً وعطراً يبقي عبقة أمداً طويلاً، بأن تكّنُ له الحب والوفاء فلولا الحب لما وجِد الوفاء، حتى بعد فراق الأحبة يبقي الوفاء..

الوفاء يعني نتذّكر الأشخاص والذكريات الجميلة، هنا يكون الوفاء، وإن ابتعدنا لكن بقناعة من داخلنا، فعندما نتذّكر لحظات الحب نحترم تلِك اللحظات، التي جمعتنا.

ونتمنى الخير لبعض دائماً، وليس من الضرورة لكل قصة لها نهاية سعيدة قد تكون نهايتها فراقا.. لكن فراقا بأرقى المعاني وبقاء تلك الذكرى الجميلة، التي عشناها معهم، فإننا لم نؤذ الفراق باللوم والحسرة، إنما بكلمة وفاء على ذاك العهد والوعد ختمناها، إنك عهدته ووعدته بأنك تحافظ على كل شيء كذكرى جميلة، فما أجمل الوفاء فعلاً..

في زمن قل الوفاء مع الأهل والأقارب والأصدقاء، فالبشر بلا وفاء وإخلاص كجسد بلا قلب..

فأقول في الختام:

إن لم تكن قادرًا على الوفاء لا تنطق بكلمة وعد، فلا تقطع وعداً ولا عهداً وأنت لا تستطيع الوفاء به، كنْ صادقاً في حُبك وإخلاصك، وكنْ وفياً حتى في بعدك..

في زمننا الآن نسأل أين الصدق بالوعود؟! وأين الوفاء بالعهد؟!

لا تجعلوا مر السنين يؤثر عليكم، في وفائكم وإخلاصكم وحبكم لمَنْ تكنون لهم الحب والوفاء الصادق..

@Sa_Alaseri