عبدالعزيز العمري، بيان بوبشيت - جدة، الدمام

مختصون يشيدون بدور «نزاهة» في ضبط المتورطين وإعلان أسمائهم

أكد مختصون أن ما أقدم عليه بعض ضعاف النفوس من المواطنين والمقيمين، من تعديل للحالة الصحية في تطبيق «توكلنا»، ورفع بالبيانات بطريقة غير نظامية، مقابل مبالغ مالية، يُعد خيانة للأمانة، ويسهم في تفشي فيروس «كورونا».

وأوضحوا لـ«اليوم» أن ضبط المخالفين وإعلان أسمائهم، يؤكد أن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تعمل على كل الأصعدة، بتعاون المواطنين والمقيمين؛ للضرب بيد من حديد لكل مَنْ تسول له نفسه الإخلال بأمن وأمان الوطن.

العقوبات تصل لـ3 سنوات سجن وغرامة 100 ألف ريال

قال القاضي بالمحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا أمن الدولة وجرائم الإرهاب سابقا د. يوسف الغامدي: إن عيون هيئة الرقابة ومكافحة الفساد لا تنام، وإنها تبصر في الظلام والعتمة، فضلًا عن النور والضياء، موضحًا أن هذه الأفعال الجرمية المتضمنة لجرائم الرشوة والتزوير وخيانة الأمانة والإخلال بواجبات الوظيفة العامة وسوء استغلال السلطة والنفوذ يعاقب عليها القانون والنظام السعودي.

وأضاف إن نظام الإجراءات الجزائية، ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، ونظام مكافحة جرائم الرشوة وخيانة الأمانة، ونظام جرائم الوظيفة العامة وسوء استغلال السلطة والنفوذ، وغيرها التي تحيط بالجرائم والإخلال بالأمن بكل أشكاله وصوره، تتابع وتطبق وتنفذ من قبل جهات تحقيقية وقضائية وتنفيذية مختصة تعمل باحتراف وإتقان.

وأكمل: تصل عقوبات أمثال هؤلاء لثلاث سنوات في السجن، مع الغرامة بمائة ألف ريال، فضلًا عن التأديب والفصل من الوظيفة العامة، والخزي والعار والفضيحة، وذلك كله ليستمر الرخاء والأمن والعيش الرغيد، وسيادة النظام والقانون.

واختتم: سيأخذ كل مَنْ يخالف النظام ويخل بالأمن بأي شكل من أشكاله أو صوره مهما كانت دوافعه، جزاءه الرادع الزاجر، وفق النظام والقانون، وها هي يد العدالة والمكافحة تمتد بكل قوة لردع المزورين والمفسدين والمرتشين.

أعظم صور الخيانة والضرر على المجتمع

أكد المستشار ورئيس الفريق العلمي للمساجد في وزارة الشؤون الإسلامية سابقا د. صالح الدسيماني، أن المملكة بذلت ولا تزال تبذل الغالي والنفيس في سبيل إسعاد مواطنيها، وجلب كل ما ينفع، وحجب ومنع كل ما يضر، ومن ذلك ما قدمته هذه الدولة المباركة من توفير لقاحات «كورونا» مجانًا لمواطنيها، والمقيمين على أرضها، حتى المخالفين لنظام الإقامة، وهذا من الأمور التي يحمدون عليها وتذكر فتشكر.

وتابع: «بينما نجد أنه في خارج هذه البلاد يصرف الناس المبالغ الطائلة في سبيل الحصول على هذه اللقاحات، ونحمد الله على هذه الدولة المباركة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعزهم وينصرهم»، مضيفًا: «لكن وللأسف، يأتي ‏مَنْ يشوه هذا الإنجاز بما يفعله من خيانة لدينه وشرف المهنة، التي ينتسب إليها بتزوير بعض الشهادات أو إثبات تطعيم لمَنْ لم يثبت له تطعيم أو تغيير الحالة، بحيث يكسب من ذلك قليلًا من المال مقابل خيانته الأمانة، التي تحملها وحملها إياه ولي الأمر، وهذا ولا شك يدخل في الإثم والحرام، ومن أعظم صور الخيانة والضرر على المجتمع بتزوير الحقائق».

وأشار إلى هذا الذي أثبت له ما ليس فيه، قد يصاب بالمرض وينشر العدوى بين الناس، وقد يحصل على أمر من الأمور بسبب تلك التقارير الكاذبة، وكفى بذلك إثماً مبيناً وذنباً عظيماً.

جريمة لها عواقب وخيمة

بيَّنت استشاري الأمراض الباطنية بمستشفى الملك فهد الجامعي في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، د. عائشة العصيل، أن أجهزة الدولة، ومنها وزارة الصحة، سخّرت كل إمكاناتها ومواردها؛ للحد من آثار جائحة «كورونا»، والانتقال إلى مرحلة التعافي، وعودة الحياة الطبيعية، وذلك حرصًا على أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين.

وأوضحت أن من أهم الإنجازات، تطبيق «توكلنا»، وهو بمثابة صمام أمان وتذكرة الدخول إلى المنشآت والدوائر الحكومية والخاصة، وهو معتمد كإثبات رسمي، مؤكدةً أن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد أدت دورًا مهمًا، وهو المراقب الذي يحمي التطبيق من أن يفقد مصداقيته، وأن تعديل حالة مصاب أو مخالط إلى محصن أو متعافى، جريمة لها عواقب وخيمة، فهذا يعني انتشار المرض، وازدياد عدد الحالات، الذي بعضها يصل إلى الوفاة، وتعطيل العودة إلى حياتنا السابقة.

جريمة جنائية‏ مركبة

كشفت المحامية رباب المعبي، أن تغيير الحالة الصحية في تطبيق «توكلنا»، «مصاب، غير محصن، محصن، جرعة أولى»، بطريقة غير نظامية، وبمقابل مبالغ مالية، يعد جريمة جنائية‏ مركبة، جمعت الفساد الإداري والمالي وغسل الأموال والرشوة، باستغلال الوظيفة؛ لتحقيق مصلحة شخصية والإضرار بالمصلحة العامة.

‏وأضافت: جريمة غسل الأموال عقوبتها تصل إلى السجن عشر سنوات، وغرامة خمسة ملايين ريال، ومنع السعودي من السفر لمدة مماثلة لمدة الحكم بالسجن، وإبعاد غير السعودي المحكوم عليه عن المملكة، ومصادرة الأموال المغسولة والمتحصلة من الجريمة، ونشر ملخص الحكم بعد اكتسابه الصفة النهائية، هذا بالإضافة إلى أن جرائم الفساد المالي والإداري لا تسقط بالتقادم.

حماية وسلامة المجتمع «مسؤولية»

قالت مديرة مستشفى العيون التخصصي بالظهران، د. إيمان الملا: إن من أعظم ما يؤتمن الشخص عليه هو حماية وسلامة وصحة مجتمعه، وعندما يقوم الفرد على هذه المسؤولية فإنه يجب عليه التمسك بالأخلاقيات الأساسية لتحقيق ذلك، فإن قبل الرشاوى لتزوير الحقيقة هو فعل أبعد ما يكون عن متطلبات الأمانة.

واستشهدت بقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)، ضمن صفات عباده الصالحين، الذين يرثون الفردوس الأعلى، فالأمانة تقتضي المحافظة على أرواح وصحة الناس وعدم التلاعب فيما أؤتمن عليه الشخص، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، ليستغفر الله ويعلن التوبة كل مَنْ أراد عبثًا بمجتمعه لمنفعة شخصية.

بيع «شرف المهنة» بمقابل زهيد

أبدت استشاري طب الأسرة، د. لمياء البراهيم استغرابها وامتعاضها من الفعل المشين، الذي أقدم عليه هؤلاء الأفراد، وأن الغرض من التطعيم هو توفير بيئة آمنة؛ لعودة الحياة الطبيعية للمواطنين والمقيمين، بينما الفئة التي تتحايل على النظام وتقوم بهذا الفعل لشخص، ربما يكون مصابًا، وينقل المرض للآخرين، ويمارس حياته الطبيعية، كأن يصعد الطائرة ويسافر بحجة أنه سليم، وبعد أن يصاب يدَّعي بأنه تلقى اللقاح وهو في الحقيقة لم يأخذ أي جرعة، يعد تضليلًا وتدليسًا وتزويرًا وخيانة، غير أن مَنْ ساعده هو مَنْ خان الأمانة، لأنه بدوره سهل الأمور واستغل الثقة، التي مٌنِحت له أثناء السماح له بإدخال البيانات ليقوم بالتغيير بهذه الطريقة المشينة والمعيبة، بحيث يبيع شرفه المهني بمبالغ مالية زهيدة.

وأضافت: «لا يكفي أن تقول أنا أحب وطني وأنت تفسد في وطنك ومجتمعك مهما كانت قناعاتك عن اللقاح، فهذا شيء يخص شخصك بينما من حق الدولة أن تحمي المجتمع من خلال دورها، الذي تقوم فيه».

جريمة وطنية تستوجب العقاب

رأت المواطنة بلقيس بوعلي أن ما حصل من قبل هؤلاء الأفراد، يعتبر جريمة وطنية قبل أن تكون جريمة إنسانية تستوجب العقوبة، وقالت: «نحن كمواطنين نطالب باتخاذ إجراء صارم لإيقاف مثل هذه التصرفات النكرة، التي تكون أبعادها جسيمة على المجتمع والوطن».

وأضافت: «نشيد بجهود هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وأدعو كل مواطن أن يكون مؤتمنا على وطنه؛ لأن وطنا لا نحميه لا نستحق العيش فيه، فالدولة بذلت الكثير من أجل صحة كل إنسان يعيش على أرض المملكة، ومازالت تعطي الكثير سواء للمواطن أو المقيم إيمانًا منها بأن الصحة من أكبر النعم، التي يستحقها الإنسان ويطلبها من رب العباد سبحانه وتعالى».

فقدان الوازع الديني

استنكرت المواطنة أحلام الغامدي، أفعال الأشخاص الذين استغلوا مواقعهم الوظيفية، بتعرضهم لجهود الدولة منذ بداية الجائحة، وقالت: «نحن دولة متطورة والكوادر لدينا في وزارة الصحة لديهم طاقات مميزة تمثلت في إنشاء تطبيقات للحماية مثل تطبيق توكلنا، وهذا لم يأت بسهولة، فجهود العاملين في وزارة الصحة لمكافحة الفيروس في تقدم مستمر».

وأضافت: «أصبحت اللقاحات متوافرة في كل مناطق المملكة والمواعيد متاحة بيسر وسهولة، ويأتي مثل هؤلاء الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني ويبيعون وطنهم وأهاليهم ويعبثون بالأمان الذي توفره وزارة الصحة من خلال التطبيقات المساعدة على حماية المواطن والمقيم، فمن غير المقبول تواجدهم في القطاعات الحساسة، التي يعتبرها المواطن مصدر أمان له، ونحن نضع أيدينا بيد هيئة الرقابة ومكافحة الفساد من خلال التبليغ عن أي فاسد».