فهد سعدون الخالدي

مع الإعلان عن إكمال المملكة تطعيم 70 % من الفئات المستهدفة بالتطعيم، وما يصاحب ذلك من تخفيف بعض الإجراءات، التي اقتضت ظروف الجائحة العمل بها لما يقارب عاماً ونصف العام؛ تتزايد بشائر خلاص البشرية من هذا البلاء، الذي جاء على حين غرّة، فأربك الدول والحكومات، وفتك بالأرواح، وألحق الضرر والخسائر البشرية والاقتصادية، وأعاق الحياة اليومية وممارسة الناس لأنشطة حياتهم اليومية؛ فأغلقت المدارس والجامعات، ومنع التجول في الطرقات، وفرضت على التنقل والدخول إلى الأسواق والإدارات والشركات الإجراءات الوقائية تجنباً للعدوى التي تنتقل إلى الناس، وتحصد الأرواح في الوقت الذي لم تكن فيه لدى كل الدول بما في ذلك الدول المتقدمة أية لقاحات تقي منه، ولا أدوية تعالج مَنْ يصاب به بعد إصابته، بل إن بعض الدول لم تكن لديها العدد الكافي من المستشفيات، التي تستوعب أعداد المصابين، مما احتاج إلى وقت لإجراء البحوث والتجارب، التي ما زالت تجرى حتى الآن سواءً على صعيد اللقاحات الوقائية أو المحاولات للوصول إلى علاج المصابين بعد الإصابة. ومع التحسن في الحالة الصحية والمعافاة من المرض وتراجع أعداد الإصابات والوفيات، الذي انعكس في استئناف معظم دول العالم الحياة العادية بنسب مختلفة بما في ذلك الأنشطة الاقتصادية والسفر والانتقال وعودة المؤسسات والشركات إلى العمل الوجاهي بعد ما يزيد على عام من توقف العمل أو اللجوء إلى العمل عن بُعد، ومع أن دولاً عديدة نجحت في مواجهة الجائحة، واستطاعت أن تقلل من الخسائر وتخفيف آثارها على شعوبها إلا أن ما يعنينا أن بلادنا والحمد لله كانت في مقدمة هذه الدول، حيث كانت الاستجابة لما فرضته الجائحة من ظروف أسرع مما يتوقع الكثيرون، ولدرجة أدهشت الذين لا يعرفون مدى التطور والتغيير، الذي تشهده أعداد الموارد البشرية من الشباب السعودي ذكوراً وإناثاً في المجال الطبي والممارسين الصحيين، وفي مجالات التقنية وتوظيفها ميدانياً في مواجهة مثل هذه الظروف، وقد كان ذلك واضحًا في أكثر من مجال، خاصة في مجال استمرار الدراسة، واستمرار المؤسسات التعليمية بكل مراحلها في التعليم العام والتعليم العالي ومؤسسات التدريب التقني والمهني في أداء رسالتها، حيث كان التحول إلى التعليم عن بُعد سريعًا وحقق نتائج تبعث على الارتياح والاعتزاز، لا سيما أنه تم بالكامل تقريباً بأيدٍ وطنية من الشباب والفتيات السعوديين. كما أن إنجاز المملكة في مجال التطعيم، وسهولة حصول المواطنين والمقيمين على اللقاح، وبلوغ هذه النسبة التي يقل نظيرها، حيث ما زالت كثير من الدول في المنطقة والعالم تحاول الوصول إلى نصف هذه النسبة، علاوة على إجراءات الفحص الميسرة والمرونة في متابعة الحالات، ومما يلفت النظر أيضاً وعي المواطنين والمقيمين والتزامهم بالإجراءات الاحترازية وبالتعليمات، التي تحد من التجمعات، وتنظم الدخول إلى المجمعات التجارية، ودخول مقرات الشركات والإدارات، مما ساعد في الحد من الإصابات والوفيات بعد إرادة الله سبحانه وتعالى. وفي الوقت الذي تسر بشائر انحسار الوباء قلب كل إنسان، فإن ما ينبغي الانتباه إليه هو أن يبقى الوعي عالياً بخطر هذا الوباء، وبأهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية التزاماً تاماً خوفاً من موجات تالية مفاجأة منه -لا سمح الله-، وهو ما تثبت التجربة أن المواطن والمقيم في بلادنا يعرفانه جيدا، كما أنهم يثقون أيضاً بحرص ولاة الأمر، وأجهزة الدولة جميعها باتخاذ كل ما هو ممكن لحماية الإنسان، وصيانة حياته وصحته وأمنه، وهو ما يبعث على الأمل أننا سنقول قريباً -بإذن الله-: وداعاً كورونا.

Fahad_otaish@