صالح شيحة

هناك الملايين من أبناء اللغة العربية- وأنا منهم - يبحثون عن فرصة لتعلم اللغة الإنجليزية، ولذلك تجد آلاف المراكز التي تعلن عن دورات لتعلم اللغة الإنجليزية، وهذا أمر جيد، ولكن، ما أراه، أنه إذا سألنا هؤلاء الملايين، هل تعلمتم اللغة العربية؟، سيجيبون بنعم، وفي الحقيقة، فإن هذه الإجابة خاطئة بالنسبة لمعظمهم- ومن ضمنهم أنا - إلا نسبة قليلة منهم أعتقد أنهم يجيدون اللغة العربية.

فما نتحدث به هذه الأيام، هو اللغة العامية، وليست اللغة العربية الصحيحة.

الكارثة، أن هناك من هم فى الأصل ليسوا من العرب، وقد تعلموا اللغة العربية أفضل من العرب. وهذا شيء جيد أن تنتشر اللغة العربية في غير أهلها، ولكن الشيء السيئ، أن هناك منهم من يعلم قدر اللغة العربية، وأن قوة العرب تبدأ من لغتهم، ولذلك سعوا ويسعون ولن يتوقفوا عن السعي في محاربتها.

فتجد ذلك الألماني (ولهلم سبيتا) والذي كان يعمل مديرا لدار الكتب المصرية، يؤلف كتابا عنوانه (قواعد العربية العامية في مصر) سنة ١٨٨٠، والذي تنبأ فيه - على حد قوله- بموت الفصحى وبقاء العامية، وفي الحقيقة، أنه لم يكن تنبؤا بل هي خطة موضوعة ومرسومة من قبل أعداء الإسلام، فالذي يجب أن تلاحظه سيدي القارئ أن موت الفصحى كما يدعي هذا الألماني، كان المقصود به هو إخراج أجيال تكون غير قادرة على قراءة القرآن الكريم وفهم السنة النبوية بطريقة صحيحة، وهذا الهدف الخبيث الذي وضعوه لم يكن ليتحقق إلا بهذه الدعوات المقصودة وغير المقصودة.

ويكمل المستشرق الألماني (فولرس) تنفيذ الخطة، ويقول أثناء محاضرة له في مؤتمر الجزائر عام ١٩٠٥ مقولته الكاذبة: «إن القرآن أول كتاب كتب بالعامية».

وينتقل هذا الفيروس إلى دماء أبناء اللغة العربية، فقد نادى (قاسم أمين) بإلغاء الإعراب، ودعا (أحمد لطفي السيد) إلى الكتابة بالحروف اللاتينية.

ولكنه لم يستطع أن يصيب هؤلاء الجنود والذين دافعوا عن لغتهم بكل ما استطاعوا مثل طه حسين وعباس محمود العقاد والدكتور شوقي ضيف.

علينا أن نفعل كما فعل أمير المؤمنين (عبدالعزيز بن مروان) حينما دخل عليه رجل يشكو صهرا له، فقال: إن ختني فعل بي كذا وكذا، فقال له أمير المؤمنين: من ختنك؟ فقال له: ختنني الختان الذي يختن الناس. فقال أمير المؤمنين لكاتبه: ويحك بما أجابني، فقال له: أيها الأمير إنك لحنت وهو لا يعرف اللحن، كان ينبغى أن تقول له: من ختنك؟ فقال أمير المؤمنين: أراني أتكلم بكلام لا تعرفه العرب، لا شاهدت الناس حتى أعرف اللحن.

يقال إنه بعد ذلك المشهد، أقام في بيته لمدة أسبوع ومعه من يعلمه العربية، لا يخرج للناس، حتى تمكن من اللغة، وصلى بالناس الجمعة وهو من أفصح الناس.

وأصبح من بعد ذلك يعطي على العربية ويحرم على اللحن، حتى قدم عليه زوار من أهل المدينة وأهل مكة من قريش، فجعل يقول للرجل منهم: ممن أنت؟ فيقول له: من بني فلان. فيقول للكاتب: أعطه مائتي دينار. حتى جاءه رجل من بني عبد الدار بن قصي، فقال: ممن أنت؟ فقال له: من بنو عبدالدار. فقال تجدها في جائزتك، فقال للكاتب: أعطه مائة دينار. لأنه لحن في إجابته وقال من بنو وكان الصواب أن يقول من بني.

ما زلت عند رأيى أنه علينا أن نتعلم اللغة الإنجليزية، ولكن يجب أن نتعلم اللغة العربية أولا.

أيها الخبراء والعلماء في اللغة العربية، لن نسامحكم إن خسرتم في هذه المعركة.

@salehsheha1