علي بطيح العمري

في ظني أن أسوأ دواب الأرض هم الذين يتكلمون عن الشخص بالسوء من وراء ظهره، ولو عندهم ذرة من شجاعة لواجهوه بما يقولون.

قل أن تجد مجلساً يخلو من الغيبة والافتراءات على الآخرين، فالناس في مجالسهم ما بين مستقل ومستكثر من الإثم والبهتان والغيبة.. هؤلاء لا يعجبهم أحد ولا تنال استحساناتهم آراء وأفكار وتصرفات أحد إلا أنفسهم.

وأشد سوءاً منهم نَقَلَة الكلام؛ أي الذين ينقلون لك ما قيل عنك وفيك.. أولئك شرار الخلق لأنهم يفسدون عليك لحظاتك الجميلة، ويكدرون خاطرك ويشغلون بالك وذهنك، ولأنهم نمامون من الدرجة الأولى إذ لو يهمهم أمرك لدافعوا ونافحوا عنك، ولأنهم يوغرون صدرك على الناس، وربما حملت عنهم تصوراً مذموماً، خاصة إن كانوا غير دقيقين في النقل والتحريش!

وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله: (لا يُبَلِّغُنِي أحدٌ من أصحابي عن أحدٍ شيئًا، فإني أُحِبُّ أن أَخْرُجَ إليكم وأنا سَلِيمُ الصَدر).. وللأديب نجيب محفوظ: «لا تخبروني عمن يكرهني أو يتكلم عني؛ اتركوني أحب الجميع، وأظن أن الجميع يحبني».

لذلك كن حكيماً في ضبط تصرفات الناس معك.. فلا تعطِ أحداً فرصة أن يكدر نفسيتك بحديث لا تدري أصادق فيه أم أنه باحث عن فتنة جاءك ليوقظها من مرقدها، مثل هذا أتاك بسهم طائش لم يصبك ويريد زرعه في صدرك، اطلب منه براهين تثبت صحة ما قال وإلا فهو واشٍ متملق.

أجمل ما في الذين يتحدثون عنك من خلفك إن كان للقبح جمال، أنهم يهدوننا حسنات تزيد أرصدتنا الإيمانية وترفع درجاتنا الأخروية.. الذين يتكلمون عنك هم قوم سخرهم إبليس لخدمة غيرهم، لأن من الحماقة أن تعمل أعمالاً صالحة ثم تنثرها على البشر، وفوق النثر تجد -خايب الرجا على قول المصريين- متكئا على أريكته معجباً بأفعاله، ظاناً أنه ناوش الجيوش وغزا الممالك، وربما كان ممن زين له سوء عمله فرآه حسناً.

* قفلة..

قال أبو البندري غفر الله له:

قمة المتعة.. أن تجالس شخصاً يكرهك ويغتابك كثيراً ومع ذلك يبين لك العكس.. هذا كافٍ بأن يخبرك أن لحضورك هيبة قادرة على تحويله لمنافق جبان!، قالها: جبران خليل جبران.

@alomary2008