ترجمة - إسلام فرج

سلَّطت صحيفة «كريستسان ساينس مونيتور» الأمريكية الضوء على حالة الانتخابات الإيرانية التي سوف تجري هذا الأسبوع، مؤكدة أن مسارها يعكس أزمة ثقة بين النظام والشعب.

وبحسب تقرير للصحيفة أعده «سكوت بيترسون»، تأتي الانتخابات الرئاسية الإيرانية هذا الأسبوع في وقت صعب تمر به البلاد.

وتابع التقرير يقول: أدت المصاعب الاقتصادية إلى احتجاجات قاتلة في الشوارع. اليأس من المستقبل متفشٍ، وتشيع حالة لامبالاة لدى الناخبين، تجذرت معها حملات مقاطعة الانتخابات.

ومضى التقرير يقول: مع ظهور شرعية النظام الشعبية في الميزان، كانت النتيجة أزمة ثقة بين سماسرة السلطة المحافظين وابتعاد غير مسبوق عن الممارسات الديمقراطية نحو أساليب أكثر استبدادية.

وأردف: يحذر المحللون من أن هذه الإجراءات من المرجح أن تؤدي فقط إلى زيادة نفور الناخبين عبر الطيف السياسي الإيراني في يوم الانتخابات، الذي يوافق 18 يونيو الجاري.

وأضاف: جاءت الإشارة الأولى على أن هذه الانتخابات لن تكون مثل أي انتخابات أخرى، عندما أعلن مجلس صيانة الدستور القوي القائمة المختصرة للمرشحين الذين تم فحصهم.

هندسة النتيجة

وبحسب التقرير، لضمان أن يكون ترشيح رئيس السلطة القضائية المتشدد إبراهيم رئيسي، وهو رجل دين متوسط الرتبة وغير كاريزمي خسر الانتخابات الأخيرة، بلا منافس تقريبًا، رفض المجلس المرشحين الوسطيين المعروفين والإصلاحيين ومعظم المحافظين الآخرين.

وأردف يقول: حتى إن بعض المتشددين أصيبوا بالصدمة من هذه المحاولة الوقحة لهندسة النتيجة، والتي بدت كأنها تقلب التوازن المتوتر الذي ساد لعقود بين حكم رجال الدين والجوانب الديمقراطية للجمهورية في الدولة.

وتابع: غالبًا ما تعرَّض مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة مكونة من 12 عضوًا تشرف على الانتخابات ويمكنها تجاوز قرارات البرلمان، لانتقادات بسبب عمليات التدقيق المفرطة، لا سيما فيما يتعلق بالمرشحين المعتبرين إصلاحيين، لكن هذه هي المرة الأولى التي يصوغ فيها نتيجة بهذا الوضوح.

تدخُّل المخابرات

ونقل التقرير عن صادق لاريجاني، العضو المخضرم في المجلس ورئيس السلطة القضائية السابق، انتقاده التدخل المتزايد لوكالات المخابرات وتلاعبها المتعمد الذي يهدف إلى تعيين رئيسي في المنصب، في إشارة إلى ذراع المخابرات في الحرس الثوري الذي يعد أداة رئيسية للسلطة المتشددة.

ومضى التقرير يقول: العلامة الثانية غير العادية هي اللامبالاة النسبية للمسؤولين تجاه إقبال الناخبين، وهو مقياس كان يؤخذ به في كل تصويت منذ عام 1979 كدليل حاسم على استمرار الدعم الشعبي.

وأشار إلى أنه لم يتم عمل الكثير لمكافحة حملات اللامبالاة والمقاطعة، كما لو أن هذا التصويت العام على الثقة لم يعد ضروريًا أو يمكن تحقيقه.

تآكل شرعية

ونقل عن إرفاند أبراهاميان، المؤرخ البارز لإيران الحديثة والأستاذ المتقاعد في جامعة مدينة نيويورك، قوله: ستؤدي الانتخابات إلى تآكل شرعية النظام بشكل كبير.

ومضى أبراهاميان يقول: على مدى العقود الأربعة الماضية، كان الشكل الرئيسي للشرعية هو المشاركة العالية للشعب في الانتخابات، حيث بلغت نسبة المشاركة في بعض الأحيان 80%، أي شيء أقل من 50% يعتبر تصويتًا بحجب الثقة.

وبحسب التقرير، تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن نسبة المشاركة المحتملة تقل عن 40% وربما أقل. وأضاف: وسط شعور بالتراجع وتفاقم عدم الشعبية، يقول المحللون إن اختيار رئيسي والطريقة التي اتخذت بها ما يسمى بالدولة العميقة للجمهورية، هذا الاختيار يقول الكثير والكثير عن المستويات المتزايدة من القلق بين قادة إيران.

ولفت التقرير إلى أن المخاطر كبيرة بشكل خاص اليوم، مع عدم وجود خليفة واضح للمرشد علي خامنئي الذي يبلغ من العمر الآن 82 عامًا.

خليفة المرشد

وأضاف: قد يُنظر إلى رئيسي على أنه شخص موثوق به، بل إن البعض يميل إليه باعتباره المرشد المحتمل القادم، رغم ضعف مؤهلاته الدينية. من بين المناصب العليا الأخرى، شغل رئيس السلطة القضائية الحالي منصب الوصي على جهاز مرقد الإمام الرضا في مشهد.

وتابع: مع ذلك، فإن رئيسي يؤرقه دوره في «لجنة الإعدام» المكونة من 4 رجال، والتي أشرفت على إعدام آلاف السجناء في عام 1988، وهي خلفية - بحسب أبراهاميان - تعود إلى القرون الوسطى وستؤدي إلى مزيد من تآكل الشرعية إذا انتُخب رئيسًا.

واستطرد التقرير: تعرَّض رئيسي للهزيمة بسهولة في عام 2017 على يد الرئيس الحالي حسن روحاني، وهو من تيار الوسط الذي أدت خططه بالتواصل مع الغرب، وتحسين الاقتصاد، وزيادة الحريات الاجتماعية، إلى خلق الأمل، وتسببت في إقبال كبير على الانتخابات التي فاز بها.

خامنئي مشكلة

ونقل عن أبراهاميان، قوله: تضييق الاختيار على رئيسي أمر مدمر للذات للغاية، إذا لم يعد بإمكانك تقديم شخص مثل روحاني لخوض المنافسة ضد المحافظين، فمن سيصوت حقًا، باستثناء المؤمنين الحقيقيين برئيسي؟

ولفت التقرير إلى أن التحول نحو سباق غير تنافسي ينذر بمحاولة من قِبل بعض المتشددين لإعادة تعريف الديمقراطية في إيران، حيث إن الانتصارات المتعددة للإصلاحيين، بدءًا من انتخابات عام 1997 لمحمد خاتمي، تُظهر بوضوح شعبيتهم.

ونقل عن الخبير الاستراتيجي المحافظ حسن عباسي قوله لوسائل إعلام إيرانية: لدينا مشكلة بدأت برئاسة خاتمي، لقد تبنينا النموذج الديمقراطي الغربي للعملية الانتخابية. هذا كان خطأ.

وأشار عباسي إلى أن الدول التي لا تجري أي انتخابات تعاني صداعًا أقل.

دولة عميقة

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن محلل إيراني مُطلع رفض الكشف عن هويته، قوله: إن هذه الحجة تترسخ بين العناصر الموالية للنظام، الذين يخشون أن يفقدوا السلطة نهائيًا إذا فاز شخص غير متشدد مرة أخرى.

وبحسب المحلل، فإن انتخابات 2017 كانت بالنسبة للدولة العميقة التي تشمل شخصيات معينة في مكتب المرشد ورجال دين متشددين ونوابًا بالبرلمان وأجزاء من القضاء والإعلام الحكومي ومخابرات الحرس الثوري الإيراني، نقطة التحول، وذلك عندما دعمت القوى المحافظة المتشددة والمعتدلة وجميع وسائل الإعلام التابعة لها رئيسي، ومع ذلك فقد خسر 8 ملايين صوت.

وأضاف المحلل: إن الخسارة كانت الدرس النهائي بأنهم لن يفوزوا في انتخابات تنافسية حقيقية. لذا إذا كانوا يريدون قلب الأمور لصالحهم، فسيتعين عليهم تشديد الحيز السياسي إلى درجة تضمن فوز مرشحهم. وتابع بقوله: إنهم يريدون انتخابات كما في سوريا أو روسيا، ما زالوا بحاجة إلى نوع من الدعم الشعبي. لكن يكفيهم إذا كانت هناك نتيجة واضحة في النهاية، مثل 70% لرئيسي، حتى لو كانت 70% هي 11 مليونًا فقط من أصل 59 مليون ناخب مؤهل.