فيصل الخريجي يكتب:

القطاع غير الربحي هو القطاع غير الهادف للربح، وله أهداف سامية يسعى لتحقيقها، خدمة للمجتمع والاقتصاد والدولة وتحقيقا للنفع العام.

وتنظر هيئة الأمم المتحدة إلى القطاع غير الربحي بوصفه ثروة قومية للدول والمجتمعات الإنسانية، ويمثل ثقلا ووزنا مجتمعيا واقتصاديا وبحثيا لا يستهان به، وهنالك من يطلق على هذه القطاعات غير الربحية مؤسسات المجتمع المدني.

فالقطاع غير الربحي يمثل جزءا رئيسا من حوكمة القطاع العام، فوجوده بقوة وفاعلية واستقلالية يجعل منه قطاعا أمينا ناصحا للقطاع العام وللحكومة، قطاعا محايدا غير مجامل، همه إنتاج الأفكار والحلول الإبداعية الخلاقة، وتشكيل زخم للعمل التطوعي بصورة تعود بالنفع العام على المجتمع والدولة.

وهذا القطاع عملاق بكل ما تعنيه الكلمة، ولكنه في المملكة عملاق صامت بسبب بعض التقصير في الأداء، وربما لفقده بوصلة أهدافه السامية وعدم استيعاب أدواره، ويعد صدور قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تنظيم المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي والذي سيعمل على تنظيم القطاع غير الربحي وتشغيله والإشراف عليه لحوكمة القطاع، وتمكينه من العمل بانسيابية تدعمه في تحقيق التطلعات المرصودة له بشارة خير وبهجة وسعادة، فنحن نتحدث عن مارد عملاق أوجدت حكمة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- غرفة قيادة موحدة له لتعيد فاعليته ونشاطه وتركيزه الإداري والقانوني لتحقيق أهدافه العظيمة التي تتطلع الحكومة أن يقوم بها أحد شركائها الاستراتيجيين لإحداث التوازن المطلوب بين القطاع العام والقطاع غير الربحي الذي يعد بوابة المجتمعات المتمدنة والمتحضرة.

والمركز سابق الذكر هو إحدى مبادرات برنامج التحول الوطني الذي يهدف إلى تمكين القطاع غير الربحي، وتحقيق أثر أعمق للقطاع على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.

ويهدف المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي إلى تفعيل دور منظمات القطاع غير الربحي وتوسيعه في المجالات التنموية، والعمل على تكامل الجهود الحكومية في تقديم خدمات الترخيص لتلك المنظمات، ومتابعة الأداء المالي والإداري والفني للقطاع، وزيادة التنسيق والدعم، وتعزيز حوكمة القطاع ومواجهة التحديات التي تواجه منظومة القطاع غير الربحي.

كما سيعمل المركز على استراتيجية القطاع غير الربحي، ودعم التشريعات والسياسات ذات العلاقة، وتسجيل المنظمات غير الربحية وإصدار التراخيص، ومتابعة أداء المنظمات ونشر إحصائياتها، وتتضمن أعمال المركز كذلك التنسيق والتكامل مع الوحدات الإشرافية الفنية في الجهات الحكومية.

ويرتبط تأسيس المركز برؤية المملكة 2030 عبر استهداف تنمية القطاع غير الربحي، ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% بحلول عام 2030، وزيادة عدد المنظمات غير الربحية، وعدد المتطوعين إلى مليون متطوع، كما سيتمتع المركز بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال المالي والإداري، ويرتبط برئيس مجلس الوزراء، وأتمنى أن يكون المركز المرجع الإشرافي العام لجميع الجهات والهيئات غير الربحية لفك ارتباطها عن جميع الجهات والوزارات الأخرى، إذ سوف يكون لذلك أثر إيجابي في تفهم المركز لطبيعة الجهات غير الربحية وأهدافها المختلفة عن طبيعة وأهداف القطاع العام.

وفي الختام لا يسعني إلا شكر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- على هذه النقلة التي تبهج صدور محبي العمل التطوعي غير الربحي المنتج للتنوع في مصادر الرأي والعمل التطوعي والإبداعي.

@falkhereiji