حسام أبو العلا - القاهرة

رئيس «الشؤون الخارجية» بالبرلمان الليبي لـ اليوم:

قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الليبي يوسف العقوري: إن الاستقرار في بلاده مرهون بخروج القوات الأجنبية وإجلاء عناصر المرتزقة.

وشدد في حواره مع «اليوم» على دعم المملكة ومصر للقضية الليبية ودورهما المؤثر في الحفاظ على خيارات الشعب الليبي وحقه في اختيار قياداته وصولا إلى الانتخابات في نهاية العام الجاري، مؤكدا أن هناك تغييرا في المواقف الدولية ما يخدم المسارين السياسي والديمقراطي.. فإلى نص الحوار..

ما الضمانة لنجاح الانتخابات الرئاسية والتشريعية؟

تمثل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم نقطة مهمة لاستعادة الدولة الليبية استقرارها، كما يجب ضرورة الاتفاق على قاعدة دستورية توافقية والتحقق من مزاعم وجود تزوير بأرقام الهويات الوطنية واستقرار الأوضاع الأمنية، وتأمين لجان الانتخابات بواسطة قوات نظامية، والحرص على ضمان نزاهة العملية الانتخابية وتهيئة المناخ للمصالحة الوطنية تمهيدًا لإجراء الانتخابات بما يضمن نجاحها وأن يثق كل ناخب أنه منح صوته لمن يستحقه.

وكيف يمكن التوصل لحل للأزمة الليبية؟

حل أزمة ليبيا يتمثل في وقف الصراع الدولي على مقدرات الدولة ودعم الجهود التي تهدف للحل السياسي، والشعب الليبي يحتاج للاستقرار بعد سنوات من الاضطرابات والوصول إلى ذلك الحل يتطلب وقفة حاسمة من المجتمع الدولي والدول الكبرى وقرارات حازمة ضد التدخلات الخارجية في بلادنا وتنفيذ قرارات مجلس الأمن لوقف استجلاب السلاح والمرتزقة.

واعتقد أن الحوار الصادق والرغبة الحقيقة في إعادة الاستقرار إلى ليبيا هو المفتاح الرئيسي ومن ثم سيكون دور الجميع، ومن المهم أن تعطي لليبيين فرصة ليحاوروا بعضهم دون تدخل من الخارج، ويجب أن يكون حوارا صريحا يشارك فيه الجميع دون إقصاء لأحد، وسيكون لبعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي دور كبير في تيسير الحوار الوطني.

ليبيا ظلت ساحة لصراع مصالح القوى الدولية، وهذا كان يعيق التوصل إلى تسوية تعيد الاستقرار للبلاد، بل كان يهدد استقرار المنطقة كافة ما تطلب تكاتف القوى الدولية حتى تم التوصل لوقف إطلاق النار وانطلاق المرحلة الانتقالية التي تركز على المسار السلمي وصولا إلى إجراء الانتخابات في نهاية العام.

والمجتمع الدولي بصفة عامة والدول المعنية بالملف الليبي أعربت عن تأييدها لرعاية الأمم المتحدة لبنود اتفاق جنيف، وذلك لأنه يأتي في سياق جهود التهدئة ووقف الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد كما يصب في جهود التهدئة وإعادة الاستقرار لشرق المتوسط.

لماذا تتمسك تركيا ببقاء قواتها والمرتزقة التابعين لها في ليبيا؟

تركيا تسعى من خلال وجودها في ليبيا إما عن طريق قواتها في القواعد العسكرية أو المرتزقة الذين دفعت بهم إلى العاصمة طرابلس والغرب الليبي إلى محاولة زيادة نفوذها في المنطقة وتسويق سياساتها، ولا يمكن إغفال الحلم العثماني الذي يراود الحكومة التركية، ولكن كل ذلك لا يعبر عن إرادة الشعب التركي الذي تربطنا به علاقات تاريخية.

الحكومة التركية لا تزال تمارس سياستها الساعية لأجنداتها الخاصة، وأرى أنها بذلك تفوت فرصة للسلام والحفاظ على مصالح شعبها في المنطقة.

ماذا عن استمرار الاتفاقية مع تركيا؟

الاتفاقية المبرمة بين حكومة الوفاق المنتهية فترتها وتركيا غير مشروعة ومخالفة للقانون، ومن أبرم هذه الاتفاقية ليس له صفة في تمثيل الشعب الليبي، فحكومة «الوفاق» ولدت ميتة لعدم تضمين الاتفاق السياسي الذي انبثقت عنه في الإعلان الدستوري، ولم يصوت عليه مجلس النواب، وحتى لو كانت هذه الاتفاقية موقعة من الحكومة الشرعية فهي غير نافذة وغير ملزمة للدولة الليبية، طالما لم يصادق عليها مجلس النواب، وذلك وفق الإعلان الدستوري الليبي وكذلك وفقا لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، كما أن هذا النوع من الاتفاقيات ذو طبيعة فنية ولا يمكن أن يكون بهذا الشكل العشوائي.

وللأسف هذه الاتفاقية تؤدي إلى توتر في العلاقات بين ليبيا ودول الجوار، وهذا مناهض لسياساتنا كلجنة الخارجية بالبرلمان من حيث ضرورة الحفاظ على علاقات متوازنة بين الدول.

ولا يمكننا الحديث عن أي إيجابيات طالما كانت الاتفاقية مخالفة للقانون وصادرة عن غير ذي صفة في التعبير عن إرادة الدولة الليبية، وبذلك فما بني على باطل فهو باطل.

هل كان لإيران دور في الفوضى داخل ليبيا؟

استغربنا وصول سفينة إيرانية مشبوهة إلى ميناء مدينة مصراتة، وفي ذلك الوقت كانت «عملية صوفيا» متوقفة، وهي العملية الأوروبية التي كان من المفترض أن تحمي سواحلنا من مهربي السلاح وغيره.

ما آخر تطورات إجلاء القوات الأجنبية؟

لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي تشدد دوما على ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية من ليبيا، وتدعو اللجنة في بياناتها إلى ضرورة الامتثال للنتائج المعلنة لحوار الأطراف الليبية، ونتائج اتفاق برلين، ولخارطة الطريق لملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس وجنيف، واتفاق وقف النار وقرارات مجلس الأمن الدولي بالخصوص، كما تؤكد دوما أن هذا شرط مهم في الاتفاق وضروري لعودة السلام والاستقرار، والحفاظ على الوحدة الوطنية، وتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة من الشعب في 24 ديسمبر القادم.

وتستنكر لجنة الخارجية جميع محاولات التشويش والتبرير الواهم لتواجد قوات أجنبية في البلاد، معتبرة أن ذلك يضرب بعرض الحائط الاتفاق السياسي ويعود بالبلاد لمربع الحروب والاقتتال الذي يدفع ثمنه شباب ليبيا لا السياسيون.

وتدعو اللجنة بعثة الأمم المتحدة، وجميع الشركاء الدوليين، إلى الوفاء والالتزام بمخرجات الاتفاق السياسي، والمساعدة في إخراج جميع القوات الأجنبية من ليبيا في أقرب وقت، وتؤكد أن جميع القوات الأجنبية غير مرغوب في تواجدها جميعا، ومغادرتها هو ما سيعود بالاستقرار على ليبيا وكامل المنطقة.

هل هناك خلافات في المواقف بين البرلمان والقوات المسلحة الليبية؟

دعم المؤسسة العسكرية يعد أحد أهم ثوابت مجلس النواب وكان لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح مواقفه الواضحة الداعمة للجيش، كما أن مواقفه الرافضة للاتفاق السياسي فيما يختص بالمساس بالقوات المسلحة وقياداتها كانت من أسباب فرض عقوبات أوروبية عليه في أوقات سابقة، وفي هذه الفترة قرر عقيلة صالح تشكيل مجموعة من الوفود لزيارة الدول المؤثرة لتوضيح دور المؤسسة العسكرية.

ولجنة الخارجية كان لها دور كبير في توضيح عمل القوات المسلحة وشرح وجهة النظر حول تحركاتها وذلك من خلال المتابعة الدقيقة للمواقف الدولية والبيانات والتواصل مع مختلف الدول والمنظمات الدولية.

ما تقييمك للموقف الأمريكي؟

أجريت حوارا مثمرا عبر تقنية الفيديو مع مدير مكتب الوكالة الأمريكية للتنمية في ليبيا جون بينيل، وناقشته في برامج الوكالة في ليبيا وسبل التعاون بين البرلمان والوكالة، وأكدت له حرص لجنة الخارجية بمجلس النواب على دعم برامج الوكالة، وإعطاء الأولوية لدعم مشاريع الشباب والفئات الضعيفة، وتطوير قدرات مجلس النواب ومحاربة الفساد ودعم الإصلاحات التشريعية، بينما أكد بينيل استعداد الوكالة للتعاون مع مجلس النواب، واهتمامها بشكل خاص بدعم جهود الانتخابات، واتفقنا على مواصلة التنسيق من أجل زيادة حجم برامج الوكالة في ليبيا والاتفاق على أولويات تلك البرامج.

كما التقيت السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، واتفقنا على الحاجة الملحة إلى مشاركة جميع الأطراف بشكل فعّال في الحوار السياسي والأمني الذي تقوده الأمم المتحدة للدفع قُدمًا بالسلام والاستقرار والسيادة في ليبيا وإنهاء التدخل الأجنبي في الشأن الليبي.

كما بحثت مع نائب السفير الأمريكي لدى ليبيا، جاشوا هاريس، عددا من القضايا أبرزها الملف الاقتصادي. وأكدت على موقف مجلس النواب، وحرصه على استمرار إنتاج النفط تقديرا للظروف الاقتصادية، شرط ضمان ألا تذهب العائدات لتمويل الأنشطة المشبوهة، وأن توزع بعدالة بين جميع مناطق ليبيا، واستعرضنا الخيارات الممكنة من أجل ذلك، وثمنت في الوقت نفسه دور الولايات المتحدة في دعم الحوار الاقتصادي، أما هاريس فأكد أن الولايات المتحدة حريصة على توزيع إيرادات النفط بعدالة وشفافية، وجدد تأكيده على أهمية دور مجلس النواب الليبي في حلحلة أزمة إغلاق النفط.

وبدون شك أن الموقف الأمريكي أصبح إيجابيا ورافضا للتصعيد ويحث أيضا على العودة للحوار السياسي، كما أنه يؤكد على شرعية مجلس النواب ودوره في حل الأزمة، وكذلك الموقف الروسي الذي يتمسك أيضا باستمرار الحوار السياسي، لأنه وفقا لرؤى المسئولين الروس هو الطريق الوحيد لحل الأزمة، ونحن نثمن تلك المواقف ونؤكد حرصنا على علاقات متوازنة مع الجميع.

كيف ترى الموقف الأوروبي؟

أصبح هناك تقارب في المواقف الأوروبية والبيان المشترك الصادر عن إيطاليا وفرنسا وألمانيا يؤكد ذلك، فقد حث بحزم على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار والعودة للحوار السياسي كما نص صراحة على ضرورة وقف نقل السلاح إلى ليبيا، فالدول الأوروبية بصفة عامة أصبحت ترى أن تصعيد العنف في ليبيا يهدد بشكل حقيقي أمنها واستقرارها.

وعن إيطاليا تحديدا وفي إطار التنسيق المشترك وتعزيز التعاون بين مجلس النواب الليبي ومجلس النواب الإيطالي عقدت لجنة الخارجية بمجلس النواب مع نظيرتها بمجلس النواب الإيطالي اجتماعا موسعا عن بُعد عبر الاتصال المرئي، بحضوري ونائب رئيس اللجنة حسن البرغوثي والنواب أعضاء اللجنة، الصالحين عبدالنبي وإبراهيم كرنوفودة، فريحة الحضيري وطارق الأشتر، بالإضافة إلى مكتب البحوث البرلمانية بديوان مجلس النواب.

وحضر الاجتماع من الجانب الإيطالي رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب الإيطالي، بيروني فاسينو، والنواب باسكيل فيراري، ميريل ايملوزي وليا كورتيبل، بالإضافة إلى سفيري إيطاليا وليبيا بالبلدين.

وتناولنا خلال الاجتماع آخر التطورات السياسية وسُبل دعم إيطاليا للاستقرار في ليبيا وتعزيز التعاون بين الجانبين في جميع المجالات في مقدمتها التعاون البرلماني، وأكدنا أهمية العلاقات بين البلدين الصديقين والحرص على التنسيق والعمل على القضايا المشتركة أبرزها ملف الهجرة وتعزيز التعاون التجاري بالإضافة إلى العمل على تنمية الجنوب الليبي، واتفقنا على تواصل الاجتماعات وتنظيم زيارات متبادلة من أجل أن تدعم الدبلوماسية البرلمانية التقارب بين البلدين الصديقين على كافة الأصعدة.

لكننا نأسف لبعض المواقف منها عدم تلقي لجنة الخارجية في البرلمان الليبي أي رد بخصوص الطيار الأجنبي المرتزق الذي أسقطت طائرته أثناء قتاله ضمن صفوف قوات حكومة الوفاق، كنا نتوقع اهتماما أوروبيا للكشف عن شبكات تجنيد المرتزقة، خاصة وأن الطيار يحمل جنسية إحدى الدول الأعضاء.

هل أصبتم بخيبة أمل في المواقف العربية؟

رغم ما أصابنا من اندهاش من مواقف دول عربية عدة لكن تبقى مصر الداعمة الكبرى للقضية الليبية، وكان لها دور مؤثر في وقف التمدد التركي داخل الأراضي الليبية ومحاولة السيطرة على خيرات ليبيا عن طريق اختطاف منطقة الهلال النفطي، وجاء ذلك بعد خطاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن محور «سرت - الجفرة» خط أحمر، فضلا عن «إعلان القاهرة»، وكل هذه الخطوات كان لها دور مهم في وقف الاقتتال الفوري والعودة للحوار السياسي، ونقدر الدور المصري الداعم لاستقرار ليبيا، كما أن هناك ارتباطا وثيقا بين الأمن في ليبيا ومصر. ولا بديل عن التنسيق بين البلدين في حال تعرض ليبيا لغزو أجنبي.

ولا يفوتني تقديم الشكر لقيادات المملكة وللأشقاء السعوديين على دعم البرلمان الليبي والجيش الوطني الليبي وكافة خيارات أبناء شعبنا الساعية إلى استعادة الأمن والاستقرار وإجلاء كافة المرتزقة والقوات الأجنبية. ونعرب عن شكرنا لجامعة الدول العربية التي تشعر بالمسؤولية تجاه تدهور الأوضاع في ليبيا، ونثمن قراراتها التي تصب في مصلحة الشعب الليبي والمنطقة وتعبر أيضا عن مواقف مجلس النواب الليبي.

الدور المصري عرقل المؤامرات للسيطرة على النفط

نشكر المملكة لدعمها البرلمان والجيش الوطني الليبي

البلد أصبح ساحة لصراع القوى الدولية وهذا يعيق التوصل إلى تسوية

إيران دخلت على خط الأزمة بالسفينة المشبوهة في مصراتة