رويترز - نيروبي

أديس أبابا تبرر: الإعلام المحلي يعكس الانقسامات وفي بعض الأحيان يفاقمها

عندما تولى رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد السلطة عام 2018 وأطلق سراح عشرات الصحفيين من السجون ضمن حزمة من الإصلاحات السياسية، سارع الصحفي ديسو دولا بالعودة من هولندا.

يقول ديسو (45 عاما) الذي يعمل الآن نائبا لرئيس تحرير موقع إخباري محلي: إنه فر من القمع في 2004، في البداية استمتع بالحريات الجديدة في عهد أبي الذي نال استحسانا عالميا وحصل على جائزة نوبل للسلام في 2019 التي أبرزت جهوده في «إنهاء الرقابة على وسائل الإعلام».

وبعد ثلاث سنوات، قال ديسو وأربعة صحفيين إثيوبيين آخرين: إن الخوف من الاعتقال يساورهم من جديد.

وذكرت منظمات دولية تتابع عمل وسائل الإعلام أن ما لا يقل عن 21 من الصحفيين والعاملين في حقل الإعلام اعتقلوا منذ أوائل 2020.

مكافحة الإرهاب

وكانت إثيوبيا واحدة من أكثر دول العالم قمعا لوسائل الإعلام قبل انتخاب أبي عام 2018 حسبما تقول بعض هيئات الرقابة الإعلامية.

فقد اعتقلت السلطات في عهد كل من هايلي ماريام ديسالين وملس زيناوي، اللذين سبقا أبي في حكم البلاد، عشرات الآلاف بموجب قوانين مكافحة الإرهاب من بينهم مراسلون ومدونون، وتقول منظمة «هيومن رايتس ووتش» ومقرها نيويورك: إن 60 صحفيا على الأقل فروا إلى الخارج بين 2010 و2018.

ودافع دانييل بيكيلي رئيس لجنة حقوق الإنسان التي عينتها الدولة في إثيوبيا، وهو نفسه سجين سياسي سابق، عن الصحفيين لكنه قال أيضا: إن وسائل الإعلام تعكس الانقسامات وفي بعض الأحيان تفاقمها.

وأُلقي القبض على ديسو العام الماضي وهو يعد تقريرا عن اعتقال ناشط سياسي في منطقة أوروميا المضطربة، مسقط رأسه، ولم توجه السلطات أي تهم إليه هو واثنان من زملائه لكنهم احتجزوا لمدة ثلاثة أشهر.

قال ديسو عبر الهاتف من أديس أبابا «ظننت أنه سيكون عصرا مختلفا ربما تعود فيه الديمقراطية وحرية التعبير، لكن الأمور تتدهور في الواقع، ولهذا فر كثير من الصحفيين من البلد وبعضهم في السجن الآن».

وقال موثوكي مومو ممثل لجنة حماية الصحفيين في أفريقيا جنوب الصحراء «مع الأسف عادت إثيوبيا للانضمام إلى قائمة أكثر الدول سجنا للصحفيين في أفريقيا جنوب الصحراء».

وقالت بيلين سيوم المتحدثة باسم رئيس الوزراء: إن ظروف عمل الصحفيين تحسنت.

وأضافت «منذ تولي رئيس الوزراء أبي أحمد منصبه أصبح مناخ الإعلام والصحافة مواتيا تماما»، مشيرة إلى إصدار تراخيص لأربع وأربعين محطة بث جديدة وسن قانون جديد للإعلام هذا العام.

الامتثال للقانون

وقالت المتحدثة باسم أبي أحمد: إنه يجب على الصحفيين الامتثال للقانون كما هو الحال في كل دول العالم، وأردفت «الوضع ليس مثاليا لكن لا يمكن القول إن ديمقراطية وليدة مثل إثيوبيا تتراجع».

وحينما سُئلت عن حالات فردية مثل ديسو، أحالت الأسئلة إلى الادعاء العام والشرطة الاتحادية وهيئة الإعلام الإثيوبية التي تعتمد الصحفيين.

ولم يرد المتحدث باسم المدعي العام أو الشرطة الاتحادية على طلبات التعليق، وقالت هيئة الإعلام «حرية التعبير وحماية الصحافة قيم مقدسة يكفلها الدستور الإثيوبي».

ويكفل قانون الإعلام الجديد الذي وافق عليه البرلمان في فبراير ودخل حيز التنفيذ في أبريل، استقلال هيئة الإعلام، باعتبارها الجهة المنظمة للعمل الصحفي، وينص بالتفصيل على الأسس التي تستند إليها في سحب تراخيص خدمات البث، وينص أيضا على عدم إجبار الصحفيين على الكشف عن مصادرهم.

تحدثت جماعات دولية معنية بحرية الصحافة وكذلك لجنة حماية الصحفيين ومنظمة «مراسلون بلا حدود» عن القبض على ستة صحفيين على الأقل في نوفمبر عندما اندلع قتال بين قوات أبي وزعماء متمردين في تيغراي بشمال البلاد.

كان من بين هؤلاء ميديهان إيكوباميشيل الصحفي في موقع «أديس ستاندرد» الإخباري المستقل الذي يصدر باللغة الإنجليزية، وثلاثة صحفيين من وكالة الأنباء الإثيوبية المملوكة للدولة، ولم يرد ثلاثة منهم على طلبات التعليق فيما رفض الرابع التعقيب.

وقتل مسلح مجهول الصحفي داويت كيبيدي أرايا الذي كان يعمل في تلفزيون تيغراي الحكومي، في مقلي عاصمة المنطقة في يناير.

وقال مسؤول أمني: إن الصحفي سيساي فيدا من شبكة «أوروميا» للبث المملوكة للدولة قُتل هذا الشهر في إقليم أوروميا.

تقييد وصول

وظلت الحكومة لعدة أشهر بعد اندلاع الصراع تقيد الوصول إلى إقليم تيغراي لكنها خففت القيود في مارس.

وتقول الحكومة: إن هذه الإجراءات لا تستهدف سوى من يهددون السلام والوحدة، وتتهم بعض الصحفيين بالتواطؤ مع المتمردين دون أن تقدم معلومات محددة.

وقالت هيئة الإعلام «نتوقع تغطية إخبارية مهنية ترقى إلى معايير الأخلاقيات الصحفية»، مشيرة إلى إصدار تصاريح عمل لنحو 129 مراسلا أجنبيا والسماح لنحو 82 صحفيا أجنبيا بالوصول إلى تيغراي.

بعد وصوله إلى السلطة أفرج أبي في البداية عن عشرات الصحفيين ورفع الحظر عن أكثر من 250 وسيلة إعلامية، وألغى بعض قوانين الإعلام التي كانت محل انتقادات واسعة حسبما قال المعهد الدولي للصحافة، وهو شبكة عالمية من رؤساء التحرير والصحفيين والمسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام.

ووجدت دراسة أجريت عام 2020 بتكليف من معهد فوجو للإعلام في جامعة لينيوس السويدية و«إنترناشونال ميديا سابورت»، وهي مؤسسة دنمركية للدفاع عن وسائل الإعلام لا تستهدف الربح، أن القوانين القديمة لم يتم استبدالها بإطار تنظيمي واضح لممارسة العمل الإعلامي مما أدى لفراغ قانوني بشأن قضايا مثل كيفية السماح لشركات الإعلام الجديدة بالعمل.

غير أنه قبل إقرار تشريع آخر بشأن خطاب الكراهية والمعلومات المضللة في أوائل 2020، حذر المقرر الخاص المعني بحرية التعبير في الأمم المتحدة من أن القانون يمكن أن يفاقم التوترات العرقية وربما يؤجج المزيد من العنف.

وقال المقرر: إن القانون قد يُستغل لإسكات المعارضة وقد يؤدي إلى اعتقالات تعسفية لأنه يمنح المسؤولين على المستويين الاتحادي والإقليمي سلطة تقديرية واسعة لتحديد الذين تتم مقاضاتهم، ومع ذلك أيد معظم أعضاء البرلمان التشريع.