محمد العصيمي يكتب:

بعد فترة من عودتي إليها، من هجرات داخلية، سألني أحد الأصدقاء: «كيف الرياض؟». وكان جوابي له هو أنك كمن يسأل عاشق عن حبيبته التي أخذته في أحضانها بعد طول غياب.!!

ثلاثون سنة مرت وأنا أتقلب وظيفيا بين حبيبات أخريات من جدة إلى الظهران، لكن بقيت الحبيبة الأولى الرياض هدفا أخيرا وكبيرا لحياتي، الحافلة بالكفاح والسعي إلى الأفضل لي ولأسرتي ومجتمعي.

الرياض، التي نشأت فيها صغيرا وغادرتها شابا وعدت إليها شيخا، تتجدد كل يوم متحدية كل عوامل الطقس التي تحيط بها، بما في ذلك الغبار الذي أصبح يوقف المركبات السائرة من شدة عواصفه ونوائبه.

ولأنها الرياض لم يمنعها الحر والغبار من أن تنمو وتزدهر، كما لم تمنع الثلوج العاتية نيويورك من أن تكون المدينة العالمية التي يقصدها السائحون والباحثون عن الفرص التي تضيف معنى لحياتهم ومكتسباتهم وأرصدتهم.

ما أفعله الآن هو أنني أؤسس حياة جديدة مع حبيبتي التي قبلت عودتي دون شروط. وسأبذل قصارى جهدي لتكون هذه الحياة الجديدة منتجة ومثمرة بقدر ما كان ترحالي السابق منتجا ومثمرا في أكثر من عمل وأكثر من مكان.

الرياض، التي أتنفس هذه الأيام لفح شمسها وهبوب ليلها، لا يمكن أن نصف مستقبلها القريب والبعيد. من فهمها فهمته وأعطته، ومن لم يفهمها أشاحت بوجهها عنه وأخرجته كما فعلت معي من قبل.

@ma_alosaimi