مشعل أبا الودع يكتب:

هي نفسها اللهفة الأولى، التي أخذتنا في بداية الجائحة، تأخذنا بين ذراعيها مرة أخرى بعد مرور أكثر من سنة على هذه الأخيرة، معبرة عن رغبتها الجامحة في أن تدفع بنا إلى الإقبال على الحياة من جديد. حياة تناسيناها وسط زخم الأزمة الصحية وبروبغاندا الإجراءات الحكومية وإمكانات توفير التطعيم للجميع.

ويبقى السؤال هل حقا سنقبل على الحياة من جديد؟ وهل يا ترى فعلا كنا على قيد هذه الحياة قبل الجائحة؟ أم على العكس، هي الأزمة التي أقامت الدنيا وأقعدتها لنستيقظ من سباتنا ونعيد ترتيب حياتنا بالشكل الصحيح؟.

مما لا شك فيه هو أن كل واقعة هي خافضة رافعة، تضرب بسياسات عرض الحائط وتدمر أفكارا وقناعات، وتزعزع مبادئ كان يظن أصحابها أن أمر تغييرها في يوم من الأيام مستحيل. في المقابل ترفع ممن كانوا على الطريق الصحيح، فتعلي من شأنهم وترقيهم درجات.

وأتمنى أن تكون يا عزيزي القارئ ممن حالفهم الحظ وتخرجت في هذه الأزمة قائدا تعرف جيدا كيف عليك أن تباشر الحياة التي تنتظرك.

هنا... مع عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجيا وهناك... خلف قضبان هذه الجائحة، التي لم تسدل ستائرها بعد؛ كثيرة هي الأمور التي تنتظر أن نقتحمها بكل عنفوان وشدة... كزيارات الأحبة القاطنين وراء حدود الوطن، والسهرات الليلية التي نمضيها مفترشين الرمال على أنغام الجيتار، ومغادرة البيت دون الحاجة لارتداء الأقنعة، التي تحد من استمتاعنا باستنشاق الهواء، أو كالتخلص عموما من كل الإجراءات الاحترازية، التي أقسمت أن تدخلنا دوامة الوساوس وتناول المنومات.

أشياء بسيطة كنا نمارسها بعفوية مطلقة، بل وأحيانا كنا نتذمر من تكرارها، أضحت اليوم الوقود النادر الذي نرجو الحصول عليه لنعود لممارسة الحياة بشكل مريح.

حتما تغيرت قواعد كثيرة منذ بداية الجائحة إلى اليوم، لهذا مستحيل أن يعود الحال على ما كان عليه. ومع بداية عودة الحياة إلى طبيعتها علينا أن نبقى في حالة يقظة، منتبهين لسلوكنا اتجاه الكون القائم من حولنا؛ لأن المستقبل القريب هو ورقة الامتحان الفاصلة بين العودة إلى الحياة المتخمة بالتبعية والسلبية، والأخرى المفعمة بالتغيير الإيجابي، الذي سيسمح لنا بالارتقاء نحو مستويات عليا في جميع المجالات.

alharby0111@