صالح بن حنيتم

بحكم أن مفردة (أنسنة) حديثة لا بد من تعريف مبسط لما تعنيه أنسنة المدن لمَنْ يجهل (الأنسنة)، هذا المصطلح يهدف لجعل المدن أكثر ملاءمة للإنسان، يشعر بأنه يعيش في مدينة عصرية تخدمه، ويشعر بأنها مدينة صديقة الاستمتاع بحياته الاجتماعية والعملية.

ولذا أصبح الاهتمام بأنسنة المدن دليلا على تحضر المجتمع ولكن السؤال، هل ما نشاهد على أرض الواقع مع أغلب المخططات، التي يطلق عليها من قبل المسوقين والمطورين العقاريين على أنها مخططات حديثة لمدن المستقبل مدن عصرية ونموذجية، هل هي فعلا كذلك؟ أم أن نسبة من المخططات عبارة عن دفان فوق (صبخ) و(مستنقعات) رسمت عليها خطوط طول أسفلتية تتقاطع مع خطوط عرض.

فالمدينة الإنسانية تبنى على عدد من الأسس، التي تجعل سكان المدينة يشعرون بالألفة، والتي من شأنها أن تنعكس إيجابا على مستوى الحياة والراحة والترفيه، وتجعل الكل يتطلع إلى مخططات سكنية عصرية تتوافر فيها جميع الخدمات، أهمها استبدال الشارع التجاري، الذي غالبا ما يكون منبعا للتلوث السمعي والبصري! بمجمعات تجارية تخدم كل حي في المخططات السكنية على شكل (أحياء) داخل المخطط بأشكال هندسية قد تكون خماسية، سداسية، دائرية، المهم تكون أشكالا تسر الناظرين والساكنين معا، ويجد فيها أهل الحي جميع متطلباتهم من خلال المجمع التجاري داخل الحي، ويقدم للسكان أكثر من خدمة لتمتد خدماته إلى توفير ملاعب داخلية وأخرى مكشوفة وقاعات للمناسبات قد يستأجرها أهل الحي لمناسباتهم بإيجار رمزي.

ويستمر التساؤل حول أنسنة المخططات قبل أن تصبح مدنا، هل عرض الشوارع في المخططات واسع بما يكفي بحيث يكون هناك ممشى مشجر يجد فيه سكان الحي متنفسا لممارسة رياضة المشي مع وجود مسطحات خضراء في زوايا المخطط: مثال كممشى حي القصور بالظهران.

وفيما يخص الكثافة السكانية للمخطط، هل تمت دراسة احتياج تلك المخططات كعدد المدارس والمساجد والحدائق وغيرها من الخدمات من خلال معرفة عدد الوحدات السكنية والعدد المتوقع من السكان في كل حي لتجنب ما قد يحدث من ازدحام في الحي!؟

ولكي تتضح الصورة لمَنْ يريد أن يشاهد بنفسه مخططات عصرية تتمتع ببنية تحتية (متعوب) عليها، عليه أن يتجه لمخططات الهيئة الملكية في مدينتي الجبيل وينبع أو يتجه لمخططات أرامكو السعودية القديمة كمدينة العمال، عبدالله فواد، الدوحة، الدانة، أو المخططات الحديثة كمخطط أجيال ومخطط الحسام... ليتعرف على المعنى الحقيقي لأنسنة المدن!

ولا أعتقد في الأمر صعوبة مع وجود إرادة تتضافر من خلالها جهود المهندسين المعماريين والمصممين وعلماء الاجتماع.. إلخ، للعمل على إنشاء مدن حديثة يجد سكانها جميع مقومات الحياة وتلبي رغباتهم بمختلف أعمارهم، والأهم أن تكون صديقة للبيئة ولذوي الإعاقة، إذا افترضنا وجود صعوبة في أنسنة المدن، اقترح أن تتم الاستعانة عن طريق (نسخ ولزق) مخططات الهيئة الملكية ومخططات شركة أرامكو السعودية النموذجية ولا ننسى الدور المهم والإنساني للعقاريين والمطورين في خلق روح من رحم الحديد والأسمنت لمدن تجعل مَنْ يزورها كأنه يشاهد لوحة فنية، ومَنْ يسكنها يشعر بنعمة تلك اللمسات الفنية.

Saleh_hunaitem@