سعود سيف الجعيد

في ليلة حزينة رحلت والدتي إلى رحمة الله رحلت بعد مسيرة طويلة وحافلة بالعطاء رحلت وقلبي لا يزال يبكيها ويحتاجها لأنها هي الحياة وهي السعادة بالنسبة لي، رحلت وتركت في عيني دمعة وفي قلبي جمرة ومن بعدها انطفأت في داخلي شموع الفرح رحلت وتركت خلفها أعمالا صالحة وقلوبا صادقة أحبوها لحسن تعاملها يرحمها الله، رحلت بعدما أعطت وقدمت كل ما لديها من حب وخير وصدق كانت هي البلسم لكثير من أوجاعي، كانت الحضن الدافئ لمعظم أحزاني، كانت هي الشمعة التي تنير لي دروبي، كنت أشكي لها عن همومي لأجدها تلملم أحزاني وتضمد جراحي وتهديني من حنانها كلمات وبعض دعوات تشرح خاطري وتشعرني بالأمان.

رحلت والدتي يرحمها الله إلى عالم هو بالتأكيد أفضل وأجمل بإذن الله ولكنها قبل رحيلها علمتني معنى الحب والصدق والعطاء في زمن الجحود.

علمتني كيف أعيش بخطوات ثابتة في هذه الحياة علمتني العطف والرحمة وحب المساكين وبذل الخير ومساعدة المحتاجين رسمت في أعماقي أجمل وأرقى المشاعر وكانت رمزا للعطاء وكانت تنفق بسخاء في أعمال الخير وتوصي أبناءها بذلك كانت تريد الآخرة لأنها عرفت أن الدنيا فانية.

علمتني كيف أعيش بقلب طاهر علمتني حب الأطفال.. علمتني كيف أطعم الفقراء وأساعدهم علمتني كيف أسامح من ظلمني وأصل من قطعني وألا أجعل للحقد ولا الكراهية مكانا في قلبي، تعلمت منها أجمل وأرقى المواقف الإنسانية في التعامل مع البشر.

رحلت الأم الحنونة أم الجميع كما كانوا يلقبونها رحلت بعدما علمتنا وزرعت فينا كل الصفات النبيلة وقدمت لنا أرق وأجمل مشاعر الأمومة الصادقة.. فإلى رحمة الله يا أجمل وأطهر قلب عرفته في حياتي.