عبدالله الزبدة

لا شك أن الظروف الاقتصادية، التي أصابت العالم نتيجة الحجر المنزلي بسبب كورونا، أفرزت الكثير من الأسر المحتاجة، التي لم تجد ما تسد به حاجتها، خصوصاً إن كانت من الأسر المنتجة أو حتى من أصحاب الأعمال، التي تعتمد على البيع والشراء، فالجميع تأثر، ولذلك تحركت الكثير من الجمعيات لمساعدة المحتاجين والفقراء وتأمين لهم الإعانات، وتهافت أهل الخير على أداء هذه الرسالة، ولكن بعض المتطفلين استغلوا المتعففين منهم، الذين لم يمدوا أيديهم للناس وجلسوا على الأرصفة يبيعون لكسب قوت يومهم، فقام البعض بتصويرهم واستغلال حاجتهم لإشباع هوس الشهرة لديهم، الذي أصبح إدماناً لا يتركون شاردة ولا واردة إلا وأدرجوها في حساباتهم، وما هذا إلا اعتداء صارخ على القيم والعادات المجتمعية، فالاستخدام السيئ بات يشكل النسبة الأعلى لدى السنابيين، والإنسان بطبيعته مستكشف لما يدور حوله، وهذه طبيعة لدى البشر، ولكن هناك خطوطاً حمراء لا ينبغي تجاوزها، فالاستسلام لرغبات النفس وحب كشف تفاصيل الناس والبحث في شؤونهم الخاصة أصبح فاكهة البعض، وتستغل حاجة الناس، خصوصاً في شهر رمضان لعرضها في موقع التواصل الاجتماعي، وقد يكون ظاهره دعم المحتاج وباطنه زيادة المتابعين.

ووفقاً لمركز الدراسات الإعلامية بالمملكة عمد إلى متابعة ورصد محتوى حسابات موثقة في السناب خلال يوم كامل، بعدها كشف أن أغلبها حسابات لا تشغلهم خدمة المجتمع وتقديم محتوى يخدم أفراده، بل بزيادة المتابعين لتحقيق الربح المادي من خلال التسويق والدعاية للسلع حتى لو كانت مضرة بالصحة، ناهيك عن إظهار حب التباهي بين مستخدميه والتفاخر أمام الآخرين، وإحداث حالة من الهوس بين الشعور بالنقص والتقليد الأعمى البعيد عن الأخلاق، بل إنه غيّر الكثير من المفاهيم، التي تخص الحياء والخصوصية بين الأزواج والأسر، وتحول بعض السنابيين إلى اختراق كل أوجه الخصوصية، وأصبح مباحاً ومتداولاً بين متابعيه حتى لو كانت على حساب زوجته وأطفاله.

فتصوير المحتاجين المتعففين بدأ يغزو المجتمع بأسلوب جديد يعتمد على الدعاية الاستعطافية، التي لجأ إليها بعض المشاهير «سناب شات» بهدف جذب أفراد المجتمع لدعم الأشخاص والأسر المحتاجة، وكان الأجدر به أن يعلن عن القنوات، التي تشرف عليها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وتضمن حق الحصول للمستفيدين من المال والمواد الغذائية والسكن، فالتشهير بالمحتاجين يضرهم أكثر مما ينفعهم.

وأخيراً... علينا كمجتمع أن ننكر مثل هذه التصرفات على مَنْ يحاول التشهير سواءً الذهاب إلى بيوت المتعففين ليصورهم أو لمَنْ حدتهم ظروفهم للبيع على الأرصفة، فالجهات المختصة هي المسؤولة فقط، ولا نلجأ للسنابيين لاختلاق قصص عن حياة الناس، وتتحول قضية الدعم والمساعدة إلى قضية دعاية وإعلان «فللإنسان كرامة».

@alzebdah1