محمد العصيمي

ليس هناك في هذه الدنيا أسوأ ممن يرتكب (حماقة) ويلقي بنفسه إلى التهلكة ثم يبدأ، بعلو صوته، بإلقاء التهم وتحميل المسؤولية في إنقاذه على الآخرين.

مثله تماما مثل من يقود سيارته بسرعة جنونية ويموت نتيجة لهذا الجنون، ثم يُلقي أهله الحق على الطريق الذي كان معوجا.!!

في عالمنا العربي يحدث كثيرا من هذه (الحماقات) التي تُهلك الحرث والنسل والاقتصاد والإمكانات الشحيحة. ودائما الحق ليس على من ارتكبها مباشرة، وإنما على من لا يملك أصلا القرار تجاه التعامل مع تلك القضية، التي لا تخصه، هنا أو هناك.

ولطالما (زنّت) وسائل إعلام، موظّفة أو مؤجّرة، على مسؤولية الشعوب العربية عن كل (حماقة) تُرتكب في أي مكان. وهذه الشعوب تتأثّر بهذا (الزّن) وتصدق أنها مسؤولة ومعنية فعلا بما يحدث.!!

ولست أعلم، لا من باب العقل ولا من باب المنطق، كيف أكون مسؤولا ومعنيا بقرار لم أتخذه، وبإجراء لم يتم التشاور معي بشأنه.؟! هذه مسألة تتجاوز الحماقة إلى (الفجاجة) وإلى الفجور في الخصومة، فهو، أي مُتخذ هذا القرار وهذا الإجراء. يميل عن الحق ويحتال في رده.!!

لذلك على الشعوب العربية قاطبة، بعد أن اتسعت مداركها إثر ما سمي الربيع العربي، أن تُدرك يقينا أنها ليست مسؤولة عن حماقات الآخرين وإجراءاتهم وتصرفاتهم، وألا تجلد ذاتها مع حدوث مثل هذه التصرفات، وأن تُركّز أكثر وأكثر على ما ينفعها وينمي ويرتقي بأوطانها.