سهام طاهر البوشاجع

يطل علينا شهر رمضان هذا العام للمرة الثانية ممزوجا بطعم «فيروس كورونا» إذ لم تنته أشهر سنة 2020 حتى لحقتها سنة 2021 بنفس الظروف ونفس المواقف.

مر علينا شهر رمضان المبارك في العام الماضي مرور مَنْ غص بلقمته في حلقه ولكن أنجاه الله من الموت بسببها، فقد كانت أيامه ولياليه داخلة ضمن ساعات «منع التجول» فلا تزاور ولا تقارب ولا تجمعات.

الشوارع الفارغة من زحمة السيارات، والمطاعم الخالية من مرتاديها والمجمعات، التي أنَّت وتأوهت حسرة على كساد بضاعتها وفقدت بريق التجمهر والفعاليات السنوية كما كان يعتاد في كل شهر رمضان من كل عام. والآن ها هو شهر الخير عاد لكنه بنفس طعم الفيروس من جديد.

فهذا الضيف الثقيل جدا ما زال جاثما على صدر الأمة وما زال كالأخطبوط ما إن تقطع له ذراع حتى اتصل بك بذراع جديدة أخرى.

شهر رمضان عاد على بعض الأسر بشيء من القسوة والحزن؛ إذ فقدت من أفرادها ما نقصت «أب أو أم أو أخ أو خال أو جد أو قريب»... والفقد بحد ذاته صفحة سوداء يصعب تجاوزها بأقل الخسائر، فما بالك حين يكون السبب هو مخلوق عثا بالأمة الفساد ونخر في أعمارها وقصمها وهو أصغر من أن يرى حتى بالعين المجردة.

وعلى النقيض طل شهر رمضان على بعض الأسر بالبهجة والسرور، فبالرغم من عدد الإصابات والعدوى، فالله سبحانه وتعالى قد جاوز بهم الشر وأكرمهم بالصحة والعافية، بل وازداد حول سفرتهم فرد جديد، وإن لم يحمل بعد من الذكريات لتروى على مر الأيام فسيكون هناك مَنْ يرويها له وأولى ذكرياتهم «أطفال كورونا».

لقد تعلم الناس خلال هذه الفترة الكثير من مهارات الحياة وتغيرت لديهم الكثير من المفاهيم ولكن بقيت عادات رمضان راسخة لم يزعزعها أي حدث ولا مخلوق، بقيت الناس تستعد للشهر الفضيل بالزينة والفوانيس وتجهيز المطابخ بما لذ وطاب من مأكولات موروثة كالهريس والجريش واللقيمات والسمبوسة وغيرها.

ومع كل دعاية إعلانية عن برامج شهر الخير تتخللها دعاية إعلانية أخرى بضرورة ومبادرة أخذ الخطوة وأخذ اللقاح ليكتسب الناس التحصين الفعال ضد هذا الفيروس حتى تعود الحياة بالفعل كما كانت سابقا وفي أيام فائتة.