صفاء قرة محمد - بيروت

معظم مشكلات البلد جاءت نتيجة صراعات عربية وإقليمية ودولية

أكد البطريرك الماروني، بشارة الراعي، أن «مسؤولية الأمم المتحدة والدول الصديقة هي الذهاب إلى عمق القضية اللبنانية، وإلى جوهرِ الحل». وقال في كلمة له، أمس الأحد: «صحيح أننا بحاجة إلى حكومة، لكننا بحاجة إلى حل القضايا والصراعات التي تمنع من أن يكون لبنان دولة في حالة طبيعية».

وأضاف الراعي: «تؤكد الممارسة السياسية أن لبنان، مهما طال الوقت، لا يقوم من حالته من دون مؤتمر دولي يعلن حياده. خارج هذا المسارِ سيبقى لبنان يخرج من أزمة إلى أخرى، ومن حرب إلى أخرى، ومن فشل إلى آخر، ويعطي انطباعًا بأننا شعب لا يعرف أن يحكم نفسه بنفسه»، مضيفًا: «أصلًا هذا هو هدف الذين يمنعون تأليف الحكومة وإعادة بناء الدولة».

مشاكل لبنان

وأضاف: ما نشكو منه هو «منع تأليف الحكومات وإجراء الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية، ومنع تطبيق الدستورِ وتشويه مفهوم الميثاق الوطني، وتعطيل النظام الديمقراطي، والحيلولة دون تثبيت سيادة الدولة عبر جيشها داخليًا وعلى الحدود، كل الحدود، ومنع إنهاء ازدواجية السلاح بين شرعي وغيرِ شرعي، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين الموجودين على الأراضي اللبنانية»، مؤكدًا أن «معظم هذه القضايا يستلزم مساعدة دولية؛ لأن مصدرها ليس لبنانيًا، بل جاءتنا نتيجة صراعات عربية وإقليمية ودولية استغلّت انقساماتنا العبثية. إن ميثاق الأمم المتحدة ونظامها الداخلي ممتلئان بالمواد التي تجيز عقد مؤتمر أممي لحل هذه القضايا. فلا بد من الإسراع في عقد هذا المؤتمر؛ لأن التأخر بات يشكّل خطرًا على لبنان الذي بنياه معًا نموذج الدولة الحضارية في هذا الشرق، ويستحق الحياة».

مسؤولية الانهيار

وقال الراعي: «لو تحلّى المسؤولون عندنا بثقافة الخدمة، لما أوصلوا بلادنا إلى انهيار المؤسسات الدستورية والسيادة الاستئثارية على الأرض والاقتصاد بكل قطاعاته والمال، ولما أوقعوا المواطنين في حالة الجوع والعوز حتى أضحى نصف الشعب اللبناني تحت مستوى الفقر، ولما ضربت الطبقة الوسطى التي كانت تشكّل ركيزة الاستقرار في المجتمع اللبناني وتفُوق 80% من شعبنا».

واعتبر الراعي أن «السياسة هي فن خدمة الخير العام، وبالتالي قيمة الحكام هي في إنقاذ المجتمع الذي كُلفوا بإدارته، لا في إغراقه بأزمات مفتعلة. ومعيار الحكمة في الحوارِ والاتفاق لا في التباعد وتعميق الاختلاف»، مشيرًا إلى أنه «ما لم يلتزِم المسؤولون هذه القواعد، سيعرّضون البلاد للانهيار الأكبر. الدولة اللبنانية، التي كانت أنجح دولة في الشرق الأوسط والعالمِ العربي، لا تحتاج إلى وساطات ومساعٍ وضغوط من أجل تأليف حكومة، بل إلى إرادات حسنة وطنيّة وشعور بالمسؤوليّة، وإلى احترام الدستورِ والميثاق».

كفى شروطًا

وتوجّه الراعي للمسؤولين اللبنانيين بالقول: «أيها المسؤولون، الحكومة ليست لكم بل للشعب. الوزارات ليست لكم بل للشعب. الحكم ليس لكم بل للشعب. المؤسسات ليست لكم بل للشعب. كفى شروطًا لا تخدم الوطن والمواطنين، بل مصالح السياسيين»، مؤكدًا أن «هذه هي الأسباب التي حملتنا على المطالبة بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، وبإعلان حياد لبنان».

وحول تهريب المخدرات، قال الراعي إن أجهزة الدولة باشرت بمداهمة أوكارِ المهرّبين وتجارِ المخدرات، معتبرًا أن «من واجب الدولة أن تكافح بجدّية هذا الوباء الصحي والاجتماعي، وأن تبسط سلطتها على المربعات والمناطق حيث السلاح المتفلت يَحمي زراعة المخدرات وتجارتها وتصديرها. وكم طالبنا الدولة أن تقفل جميع المعابرِ غيرِ الشرعية وتراقب بجدّية المعابر الشرعية كذلك، وتقبِض على عصابات التهريب».