عبدالله الألمعي

لم يكن الحب سوى دائرة يحوم حولها كل أمر جميل، في البداية كانت من قصة أبينا آدم مع حواء عندما استوحش وحدته وشعر بأنه بحاجة إليها، فسألته الملائكة: أتحب حواء؟ فقال: نعم. ثم سألتها الملائكة: أتحبينه يا حواء؟ فقالت: لا. وكان في قلبها أضعاف ما في قلبه من حب.

ابتدأ معنى الحب بآدم ثم بقصص السابقين، التي نقرؤها ولا تبرح الذكر، وأجملها حُبُّ الرسول -عليه السلام- لزوجته عائشة -رضي الله عنها-، «وقد سئل الرسول ذات يومٍ عن أحبِّ الناس إليه، فلم يمنعه أيُّ مانعٍ من ذكر زوجته عائشة باسمها»، وعن عشرتهما المليئة بالمودة يقول ابن القيم: (كانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان يتكئ في حجرها).

هو الحب الذي يبتدئ ولا نهاية أو حدَّ له، وتدور حوله كل معاني المودة والتعاطف والتنازل وكل ما هو جميل. ولكن ما نراه اليوم من وقائع مريرة تبكي لها العين ويدمي لها القلب، باستعطاف «الحب» لأساليب لا تتعلق به لا من قريب ولا من بعيد.

أصبح الحب اليوم وللأسف تسكنه غرائز إبليسية، وتستره مرادفات الحب، تتعاطف معه المرأة ويتصنعه الرجل من أجل إشباع غرائزه دون أي شعور صادق أو العكس.

يتبادلون الرسائل بمحتوى الحب المزيف الفاقد للمشاعر الصادقة، ومكالمات تجعلهم يحلقون كالطيور ولكن بنصف جناح! يتوهمون الحب من أجل إضاعة الوقت، ومن أجل إشباع دونية أحدهما للآخر، ويتشاركون في الإهداءات المهترئة.

لا تكُن يومًا خديعة «حُب» لا يسمن ولا يغني من جوع سوى همٍّ تتشارك به في أوقاتك، ومرارة تكوي بها قلبك الفينة تلو الأخرى، ولا تقيد الحب بأنه يكون فقط للأشخاص، إنما الحب هو أوسع وأشمل من ذلك، بل أعمق، فحب الشخص لمدينته وممتلكاته وعاداته وكتبه وهواياته، وما إلى ذلك هو الحب، الذي يُقال عنه اليوم الحب السليم الفطري.

احذروا من الحب المزيف، فلو صدق المحب لما كان أول طريقه وآخره واستمراره من هاتفه فقط، فلو كان حبه صادقًا كما يعتقد لما أكمل طرق الهاتف وترك طرق باب المنزل.

لا يتأثرنَّ أحدكم بأغنية سمعها، ولا روايات قرأها، فالحب يأتي بصفاء ونقاء. وأول وآخر القول: الحب السليم هو الذي يبتدئ برسالة ويوثقه «عقد الزواج» ثم يصبح لا نهاية له، والعيش بحبٍّ ومودة.

@asir_26