د. شلاش الضبعان

ذكر ابن حمدون في التذكرة الحمدونية «جاء رجل إلى عالم يستفتيه فقال: أفطرت يوماً من شهر رمضان سهوًا، فما عليَّ؟ قال: تصوم يومًا مكانه، قال: فصمت يومًا مكانه، وأتيت أهلي وقد عملوا حيسًا، فسبقتني يدي إليه فأكلت منه، قال: تقضي يومًا آخر، قال: لقد قضيت يومًا مكانه، وأتيت أهلي وقد عملوا هريسة، فسبقتني يدي إليها فأكلت منها، فما ترى؟ قال: أرى ألا تصوم إلا ويدك مغلولة إلى عنقك».

مَنْ لم يستطع ضبط نفسه لن يستطيع ضبط غيره، ورمضان فرصة لضبط النفس وتحقيق الأهداف، ومَنْ لم يتقدم في النصف الأول من شهر رمضان فأمامه النصف الثاني وبإمكانه تعويض الكثير إذا أراد.

مَنْ لم يغير عادة سيئة عكرت صفو حياته وأعاقته عن تحقيق أهدافه رغم عزيمته في أول الشهر ومحاولته، يستطيع أن يتخلص منها في الأيام القادمة بقليل من العزيمة والإرادة والناجحون مثابرون ولا ييأسون.

ومَنْ لم يستطع حتى الآن تحقيق جميع أو بعض ما وضعه من أهداف عظيمة في بداية الشهر يستطيع بمضاعفة الجهد أن يحقق ما يسعى إليه، بل ويضيف عليها إذا أراد، وكم من جواد تقدم في المنعطف الأخير.

المهم دوماً أن نكون أقوياء الإرادة ونحافظ على سمو طموحاتنا، ولا نستسلم لأهوائنا لتقودنا بدلاً من أن نقودها، فإعطاء النفس كل ما تشتهيه، وضبابية إن لم يكن غياب الأهداف، والبحث عن السعادات الوقتية على حساب ما هو أهم، وفوق ذلك فلسفة الضعف وتبريره بأن هذا هو الصحيح إن لم يكن الأصح، وأن على الإنسان أن يعيش اللحظة ولا يتعب نفسه بما سيكون، لن يحقق النجاح والتقدم المنشودين لكل إنسان، ومهما قال الفاشل وبرر فهو من يتألم وسيتألم حتى لو قال وقال، فالعبرة دوماً بالخواتيم، والسعيد مَنْ وعظ بغيره، والشقي مَنْ وعظ بنفسه.

يقول الإمام عبدالله بن المبارك -رحمه الله-:

ومن البلاء وللبلاء علامة

أن لا يُرى لك عن هواك نزوع

العبد عبد النفس في شهواتها

والحر يشبع تارة ويجوع

رمضان جامعة فتحت أبوابها، وكل يوم ينهل الناجحون من مقرراتها وبرامجها، ليتنا نكون معهم.

@shlash2020