عبدالعزيز العمري - جدة

المبادرات الوطنية تحفز العالم للحد من آثار التغير المناخي

أكد مختصون أن المخاطر البيئية والمناخية قضية دولية مشتركة تتجاوز الحدود الوطنية للدول، وأن التعامل معها يتطلب حلولا شاملة تعالج تلك المخاطر بمنظور متكامل يتجاوز الحلول الجزئية، وأن هناك فرصة كبيرة جدا ومواتية لتسريع الجهود القائمة لإيجاد حلول عالمية مشتركة للحفاظ على مستقبل الأجيال القادمة وحماية كوكب الأرض، بفضل تنامي الوعي والإدراك العام لحقيقة المخاطر البيئية والمناخية، وما يترتب عليها من انعكاسات سلبية على المجتمعات الإنسانية.

وأشاروا لـ«اليوم»، إلى أن المملكة، عززت خلال فترة ترؤسها لمجموعة العشرين العام الماضي، دورها الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، والإسهام في حماية كوكب الأرض، ونتج عن ذلك إصدار إعلان خاص حول البيئة، وتبني مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وتأسيس أول مجموعة عمل خاصة للبيئة فيها، كما خصصت مسارا خاصا بالبيئة نتج عنه بيان وزاري تناول مجمل التحديات البيئية العالمية ومن ضمنها التغير المناخي.

وأثمرت جهود المملكة خلال قمة مجموعة العشرين في إطلاق مبادرتين دوليتين للحد من تدهور الأراضي، وحماية الشعب المرجانية، وسيكون لهاتين المبادرتين أثر كبير في تعزيز الجهود الدولية للحد من آثار التغير المناخي كما أسهم التطور في مجال تنمية المحميات الطبيعية، وأوضحوا أن منطلقات رؤية 2030 أكدت على مواجهة تلك التحديات والمخاطر من خلال رفع كفاءة إدارة المخلفات، والحد من التلوث بمختلف أنواعه، ومقاومة ظاهرة التصحر، والعمل على الاستثمار الأمثل للثروة المائية عبر الترشيد واستخدام المياه المعالجة والمتجددة، والتأسيس لمشروع متكامل لإعادة تدوير النفايات.

ولفتوا إلى أن إعلان سمو ولي العهد -حفظه الله- عن مبادرة «السعودية الخضراء»، ومبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين سترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة، سيسهم بشكل قوي بتحقيق المستهدفات العالمية، من خلال زراعة 50 مليار شجرة، في أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم.

وأشاروا إلى مواصلة قطاع الطاقة في المملكة جهوده في مجال خفض الانبعاثات الكربونية بانتهاج حلول علمية عملية لاستخراج واستخلاص وتخزين الكربون في قطاعات الطاقة، وإيجاد وقود نظيف ومنتجات آمنة باستخدام التقنيات المتاحة، بما يتوافق مع توجه المجتمع الدولي نحو الاهتمام بقضايا الحفاظ على المناخ والبيئة.

استشعار المسؤولية نحو البيئة

قال أستاذ الطقس والمناخ المشارك - مدير مركز التميز لأبحاث التغير المناخي بجامعة الملك عبدالعزيز د. مازن عسيري، إن ترؤس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وفد المملكة في قمة القادة حول المناخ يأتي رسالة موجهة للعالم بأن حكومة المملكة تولي قضايا المناخ والتغير المناخي اهتماما كبيرا على الصعيدين المحلي والعالمي، وتشارك العالم أجمع في استشعار المسؤولية نحو البيئة وما يسببه التغير المناخي من خلل في التوازن البيئي والإضرار بمناشط الإنسان المختلفة.

وأضاف عسيري، إن إطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظه الله - في شهر مارس 2021 مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، خير شاهد على الجهود التي تبذلها حكومة المملكة والتي بدورها ستحفز دول المنطقة والعالم إلى إطلاق المزيد من المبادرات التي ستحافظ على كوكب الأرض والعمل على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة وكبح جماح الاحتباس الحراري سعيا نحو الحد من آثار التغير المناخي.

أنظمة متواكبة مع التطور الصناعي

ذكر رئيس لجنة البيئة والغذاء بغرفة الشرقية م. طلال الرشيد، أن المملكة اعتمدت أنظمة بيئية محدثة ومتواكبة مع التطور الصناعي خلال العقد الأخير، وتم إصدار أنظمة ومبادرات تساهم بشكل رئيسي في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة التي تؤثر بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري كأحد أهم عناصر التغير المناخي. وعلى سبيل المثال مبادرة السعودية الخضراء والتي من المخطط أن تساهم بشكل كبير بنشر الوعي البيئي والصديق للبيئة من خلال زراعة ما يقارب 10 مليارات شجرة وإعادة تأهيل حوالي 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة. بالإضافة إلى زيادة المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفا والمساهمة بـ 1% من الهدف العالمي بزراعة تريليون شجرة مما يجعل المملكة من أكثر الدول تقليلا للبصمة الكربونية.

خارطة طريق واضحة وطموحة

أشار رئيس قسم الأرصاد في كلية العلوم البيئية بجامعة الملك عبدالعزيز د. عبدالحليم لبان، إلى أن المملكة والمنطقة تواجهان الكثير من التحديات البيئية الناتجة عن التغيرات المناخية، مثل التصحر، وزيادة درجة الحرارة، وقلة الأمطار، وتلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري التي تؤثر على صحة المواطن الأمر الذي يشكل تهديدا اقتصاديا للمنطقة.

وأوضح أن مبادرتي «السعودية الخضراء»، و«الشرق الأوسط الأخضر»، ترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة وستسهمان بشكل قوي بتحقيق المستهدفات العالمية. وستعمل المملكة من خلالهما على رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية. لافتا إلى دخول المملكة مجال مصادر الطاقة المتجددة، وتشمل طاقتي الرياح والشمس اللتين ستمثلان ما نسبته 50% من الطاقة المستخدمة لإنتاج الكهرباء في المملكة بحلول عام 2030م.

مشاركات إيجابية محليا وإقليميا

لفت الأكاديمي والناشط في المجال البيئي أستاذ المناهج وتطوير التعليم د. عبدالله الفهد إلى أن البيئة بجميع عناصرها من القضايا المشتركة التي تهم العالم أجمع، وتعتبر المملكة من الدول التي لها دور كبير في نشاطها ورؤيتها في الحفاظ على البيئة ومكوناتها ومنها المناخ ومتعلقاته، وهذا جلي في رؤية المملكة 2030، ومبادرة سمو ولي العهد -حفظه الله- في «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» خير دليل، ومشاركة المملكة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، في «قمة القادة حول المناخ» الافتراضية بحضور 40 من قادة دول العالم، تأتي تتويجا لهذه الجهود وتعكس أهمية دور المملكة الريادي من خلال مشاركاتها الإيجابية المحلية والإقليمية والعالمية في جميع مكونات البيئة والتي منها المناخ.

مشاريع رائدة لاستخدام الطاقة البديلة

أضاف عضو مجلس إدارة جمعية آفاق خضراء البيئية في الرياض عبدالعزيز عبدالله العقيل، إنه طوال العقود الماضية والمملكة في مقدمة الدول التي تقوم بدور ريادي لمواجهة التحديات التي تواجه العالم اقتصادية أو سياسية أو صحية وغيرها من التحديات، ومنذ تولي المملكة رئاسة دول العشرين G20 وهي تقود العالم في مواجهة التغير المناخي للحد من آثاره السلبية على الأرض، وبدأت بمشاريع عملاقة لاستخدام الطاقة البديلة «الشمسية والرياح»، ومشاريع نيوم، والبحر الأحمر، ومشاريع تحسين جودة الحياة في المدن منها مشاريع الرياض الأربعة الكبرى في مقدمتها الرياض الخضراء ثم زيادة مساحة المحميات لتصل إلى 30٪ من مساحة المملكة بما يفوق المساحة المطلوبة عالميا 17٪ من مساحة الدولة.

دور تاريخي في مكافحة التصحر

أكد الأكاديمي السابق والمهتم بالبيئة د. محمد الغامدي أن ترؤس خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- لوفد المملكة في قمة القادة حول المناخ، دليل قاطع على اهتمام المملكة بالبيئة والمناخ، وأيضا تعزيز لدور المملكة التاريخي في هذا المجال. مضيفا: قد لا يعلم البعض أن المملكة كانت السباقة على مستوى العالم في محاربة التصحر وتحسين المناخ. فهي أول دولة أسست مشروعا لمحاربة التصحر، وكان ذلك في عام «1380هـ - 1960م»، وذلك لزراعة 10 ملايين شجرة لحماية واحة الأحساء الشهيرة بالمنطقة الشرقية من زحف الرمال. وقد تحققت أهداف هذا المشروع.

وأضاف الغامدي: إن العالم اليوم بأمس الحاجة إلى خبرة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، في مجال خدمة البيئة ومحاربة التصحر وتحسين المناخ. لأنه منذ تولي خادم الحرمين -حفظه الله- المسؤولية صدر العديد من الأنظمة والقوانين التي تخدم البيئة وشؤونها، وأكبر دليل على ذلك أن أخذت البيئة موقعها المهم فأصبح لها وزارة هي وزارة البيئة والمياه والزراعة.