حسام أبو العلا - القاهرة

تصعيد وتوتر وأجواء ملبدة بالخلافات بين واشنطن وأنقرة

تدخل العلاقات الأمريكية - التركية مرحلة التصعيد والتوتر المباشر، بعد فترة من الهدوء الحذر منذ تولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة، إذ ذكرت وسائل إعلام أمريكية أن إدارة بايدن تستعد للاعتراف بقتل 1.5 مليون أرمني خلال الحرب العالمية الأولى على يد الإمبراطورية العثمانية واعتبار هذه المجازر «إبادة جماعية».

ومن المتوقع أن تفاقم هذه الخطوة الأمريكية التوتر مع نظام أردوغان الذي يرفض بشدة هذا التصنيف، رغم أن عشرات الدول الأخرى، وبينها فرنسا وروسيا قد تبنّته.

اعتراف رسميونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أمريكيين أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يعتزم الاعتراف رسميًا بـ«الإبادة الجماعية للأرمن» خلال فترة حكم الإمبراطورية العثمانية. وقالت الصحيفة إن هذه «الخطوة النادرة» من شأنها أن تزيد من تأجيج الخلافات بين واشنطن وأنقرة.

وأوضح المسؤولون للصحيفة أنه من المتوقع أن يصف بايدن «عمليات الترحيل والتجويع والمذابح التي تعرض لها الأرمن على أيدي الأتراك العثمانيين ابتداء من عام 1915 بأنها إبادة جماعية».

وخلال حملته الانتخابية، تعهّد بايدن بالاعتراف رسميًا بـ«الإبادة العرقية» التي تعرض لها الأرمن، في خطوة تجنَّب الرؤساء السابقون تجسيدها.

وقال: إذا لم نعترف بشكل كامل بالإبادة، ولم نحيِ ذِكراها ونحدّث أبناءنا عنها، فهذا يعني أننا لم نستفد من الدروس، وأضاف: إذا ما تم انتخابي فأتعهد بدعم قرار يعترف بالإبادة الجماعية للأرمن، وسأجعل حقوق الإنسان العالمية على رأس أولويات إدارتي.

وتطالب أرمينيا تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير التي شهدتها أراضي الدولة العثمانية عام 1915 على أنه «إبادة عرقية»، وبالتالي دفع تعويضات.

وترفض تركيا إطلاق صفة «الإبادة العرقية» على أحداث 1915، بل تزعم أنها «مأساة» لكلا الطرفين.

إبادة جماعيةوقالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ«رويترز»: إن من المرجّح أن يستخدم بايدن عبارة «إبادة جماعية» في بيان يوم 24 أبريل عندما تُنظم فعاليات سنوية لإحياء ذكرى الضحايا في مختلف أنحاء العالم. وقال مصدر على دراية بالأمر: «ما فهمته هو أنه اتخذ القرار، وسيستخدم عبارة إبادة جماعية في بيانه، السبت»، لكن المصادر حذرت من أن بايدن قد يؤثر في اللحظة الأخيرة عدم استخدام هذا التعبير في ضوء أهمية العلاقات الثنائية مع تركيا.

وقالت جين ساكي السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض للصحفيين، الأربعاء: إن البيت الأبيض سيكون لديه «المزيد ليقوله» حول هذه القضية، يوم السبت على الأرجح، لكنها أحجمت عن الإسهاب في التفاصيل.

ولم ترد الخارجية الأمريكية على طلب تعقيب، كما لم يعلق مجلس الأمن القومي على ما قالته ساكي.

وفي رد فعل غاضب من أنقرة خشية أن تطالها عقوبات في حال عودة القضية للتدويل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: «إن من شأن أي تحرك من قبل بايدن لوصف أعمال القتل بالإبادة الجماعية أن يلحق ضررًا أكبر بالعلاقات المتوترة بالفعل بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي».

الرئيس الأولوقال إيان بريمر مؤسس شركة «أوراسيا جروب» للبحوث والاستشارات: إن خطوة بايدن المتوقعة تعكس تدهور العلاقة بين البلدين، ومن المستبعد أن يستفز أردوغان الولايات المتحدة بتصرفات قد تفاقم تقويض اقتصاد تركيا الضعيف.

وبهذه الخطوة سيكون بايدن أول رئيس أمريكي يصف المجازر بأنها إبادة، علمًا أن أكثر من 100 عضو في الكونجرس على رأسهم آدم شيف الرئيس الديمقراطي للجنة المخابرات في مجلس النواب قد بعثوا برسالة إلى بايدن يحضّونه فيها على الوفاء بتعهده بالاعتراف بالإبادة خلال حملته الانتخابية.

وسبق أن اعترف الكونجرس رسميًا بالمجازر على أنها إبادة جماعية في ديسمبر 2019 في تصويت رمزي.

وسابقًا، أشار الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان، بشكل سريع إلى الإبادة الجماعية للأرمن في بيان مكتوب عام 1981، فيما وافق كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ على تدابير في 2019 لجعل الاعتراف بها مسألة رسمية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وقال وزير خارجية أرمينيا، آرا إيفازيان، إن اعتراف الولايات المتحدة سيكون منارة أخلاقية للعديد من البلدان.

وأضاف إيفازيان: هذا لا يتعلق بأرمينيا وتركيا، بل يتعلق بالتزامنا بالاعتراف بالإبادة الجماعية في الماضي والحاضر والمستقبل وإدانتها.