أماني السميري - الدمام

أكد مدير المرصد الدولي لانتهاكات حقوق الإنسان، أن المملكة تتصدى للإرهاب وأن المساندة الدولية لها خجولة، وكشف أن جهات عرضت عليهم تمويلا ماليا أو تدريب نُشطاء، بشرط استغلالها لاستهداف المؤسسات الحكومية والسياسة السعودية، وقال: نحن لا نتاجر بقضايا حقوق الإنسان.

وقال د. عبدالعزيز طارقجي في حوار مع «اليوم»: وثق المرصد تغيرات كثيرة في القوانين السعودية تجاه حماية حقوق الإنسان، إلى جانب 1544 مشروعا إنسانيا في 84 دولة أنشأها مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية، وشدد على أن 90% من تمويلات بعض وزارات الخارجية والمنظمات المانحة، تذهب فقط للادعاء على المملكة، مشيرا لقضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي التي ما زالت تخضع للمزايدات والمتاجرات رغم أن السعودية حققت جميع أوجه الشفافية والعدالة فيها، وفيما قال: إن قرار الإدارة الأمريكية بشطب ميليشيا الحوثي من قائمة الإرهاب تشجيع ضمني لارتكاب المزيد من الأعمال الإرهابية باليمن وأراضي السعودية، تطرق لملفات حقوق الإنسان في تركيا وإيران وميليشياتها في سوريا ولبنان، العراق واليمن.. فإلى تفاصيل الحوار..

كيف برأيكم يمكن توثيق الانتهاكات التي يتعرض لها الإنسان العربي على مساحات واسعة في دول باتت تحكم من قبل الميليشيات؟

توثيق الانتهاكات يحتاج إلى كادر بشري يؤمن بقضيته التي تترسخ بمبدأ مواجهة الظلم وسيادة القانون ومكافحة العنف والإرهاب، وهذه تتوافر في عقلية الإنسان الحر القادر على مواجهة الميليشيات الإرهابية بكل الطرق المتاحة وتوثيق الانتهاكات، التي نعتقد وندرك بأن التوثيقات سوف تسهم يوما ما في محاسبة القتلة والمجرمين وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، إضافة لضمان أمن وسلامة الناشطين الميدانيين الذين يقفون على الخطوط الأمامية لمواجهة الظلم.

كيف تقيمون قرار الإدارة الأمريكية بشطب ميليشيا الحوثي من قائمة الإرهاب برأيكم هل الحجج التي تقدمها الإدارة مقنعة أم إن الأمريكيين لا يرفضون ممارسات الميليشيات في اليمن خاصة أن كل ما يجري بالعراق كان تحت رعاية أمريكية؟

إننا نعتبر هذا القرار وصمة عار لتلك الإدارة بل وتشجيعا ضمنيا وعلنيا لارتكاب المزيد من الأعمال الإرهابية ضد الأبرياء في اليمن والأراضي السعودية، ومنذ ذلك القرار وحتى الآن ما زلنا نشهد تصعيدا إرهابيا ضد المدن الآمنة والمنشآت الحيوية «السعودية»، وللأسف التحركات الدولية لمساندة المملكة في تصديها للإرهاب خجولة جدا على كل الأصعدة السياسية والإعلامية والحقوقية، وميليشيا الحوثي منذ انقلابهم على الحكومة الشرعية في 2014 تنوعت جرائمهم وانتهاكاتهم بحق الشعب اليمني، وتسببوا بأكبر أزمة إنسانية في العالم، لهذا نعتبر بأن كل ما يجري في «العراق» من نشاطات للجماعات الإرهابية المسلحة التابعة للنظام الإيراني وتحت الرعاية الأمريكية يضع العديد من إشارات الاستفهام والتساؤلات عن تواطؤ واشنطن!!.

مدير المرصد الدولي يرد على أسئلة المحررة (اليوم)


هل يوجد لديكم من يوثق ما يجري في سوريا من انتهاكات، خاصة من قبل النظام والميليشيات الإيرانية وتنظيم القاعدة؟

يغطي أعضاء المرصد نشاطهم الميداني في 64 دولة ومن ضمنها الدول التي تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن، وتُقيم الأوضاع الإنسانية هناك على أنها مأساوية (تحت الصفر)، والأوضاع الحقوقية فيها متدهورة جدا، وفي سوريا نستعين بقسمين من التوثيق، الأول عبر المتطوعين الميدانيين المنتشرين في عدة محافظات، والقسم الثاني عبر زملائنا الأعضاء بالمنظمات الأخرى، وآخر إحصائية سنوية تبين جرائم القتل لميليشيات تابعة للنظام الإيراني ضد 4000 شخص، منهم 10% فصائل مسلحة، والبقية مدنيون 20% منهم نساء وأطفال، تمت تصفيتهم بالإعدام الميداني والقتل تحت الاعتقال أو التعذيب.

وثقتم انتهاكات واسعة حدثت خلال الأعوام الماضية في سوريا والعراق وليبيا التي تقبع تحت حكم الميليشيات وبشكل خاص في اليمن؟

استطعنا التواصل مع العديد من ضحايا الانتهاكات في تلك الدول بهدف إتمام التوثيق وسعيًا لمحاولة إيجاد حلول فعلية تُسهم في رفع الظلم ونصرة ضحايا الانتهاكات، وزودنا بعض أهم المنظمات الدولية والمؤسسات الحكومية في اليمن عن تلك الانتهاكات.

كيف تتعاطى معكم السلطات المحلية؟ وهل لديكم مراقبون منتشرون في أماكن الصراعات أم إنكم تعتمدون على ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي ومصادر السلطات المحلية؟

لم نعتمد أبدا في عملنا على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها ساحة مفتوحة ومستغلة مع العديد من الجهات السياسية والحزبية والحكومية وغيرها، وتفتقد أحيانا للشفافية في نقل المواضيع أو القضايا، أما عن التواصل مع السلطات، فإنه أحيانا لا ينجح فبعض الأنظمة السياسية لا تحبذ التواصل مع مؤسسات حقوق الإنسان، والبعض الآخر يتخذ قضايا حقوق الإنسان كستار لتلميع صورته أمام المجتمعات الأخرى، وبخصوص أعضائنا المراقبين، فهم ينشطون في العالم وفي دول تخضع للصراعات المسلحة، والدول التي لا يتواجد بها نشطاء فإننا نستعين بالمعلومات المتبادلة من زملاء ناشطين في منظمات أخرى نزيهة نثق بتوجهاتها المحايدة.

د. عبدالعزيز طارقجي


هل تراقبون ما يجري من انتهاكات في الدول العربية فقط، أم إنكم تراقبون ما يجري في ساحات كإيران وتركيا وأفغانستان؟

نحن نراقب ونوثق الانتهاكات في كل دول العالم، ولكن التركيز الأكبر على الدول التي ترعى أو تساند الإرهاب، و(إيران) و(تركيا) من الدول المتورطة وبشدة في دعم وتسليح وتأهيل بعض الجهات الإرهابية التي تنشط في عدة دول عربية وغيرها، وهذه الدول توضع تحت المتابعة بشكل موسع ليس فقط لدينا بل للعديد من المنظمات الحقوقية الزميلة، وبدورنا عند بداية كل عام نصدر تقريرا شاملا عن أوضاع حقوق الإنسان في دول العالم.

ألا ترى أن ما يجري خلال العقود الماضية تدمير ممنهج للمجتمعات وأن المسألة تجاوزت مسألة حقوق الإنسان بل تعدت ذلك كثيرا خاصة أننا نلاحظ التغييرات الديموغرافية التي حصلت في العراق وسوريا واليمن؟

حقوق الإنسان هي مرسخة لا يمكن تدويلها، ولكن بعض الحكومات تستغل قضايا الحقوق لمصالحها السياسية بهدف الهجوم على سياسات الدول الأخرى، أو للتغلغل داخل المجتمعات المحافظة بهدف تدميرها، وهذا يؤكد التغيرات التي تحصل في الدول المذكورة وغيرها، وتهدف لنسف القيم والمبادئ الأخلاقية والاجتماعية، وهذه المبادئ يجب تعزيزها لا تدميرها، ويجب أن نعمل جميعا بجهود واحدة كحقوقيين وإعلاميين ورجال سياسة لحماية مجتمعاتنا من الاستهداف والتصدي لسياسات الدول التي تتاجر بقضايا حقوق الإنسان، وهي ضمنًا تنتهك هذه الحقوق بشكل مستمر.

هل توثقون انتهاكات حقوق الإنسان في الداخل الإيراني، وما هو دوركم لوقف الإعدامات للمعتقلين والمعارضين للنظام؟

نعم نوثق كافة الجرائم التي يرتكبها النظام الإيراني، وأصدرنا تقارير حول الاعتقالات وحالات الإعدام والتعذيب التي يمارسها، وأرسلنا التقارير للمؤسسات الدولية من أجل ذلك، ولكن للأسف التقاعس الدولي واستمرار إفلات قادة النظام من العدالة الدولية يجعله أشد فتكًا بحق الشعب الإيراني.

بعض القوى الغربية تتجاهل ما يجري في إيران من انتهاكات جسيمة من أجل مصالحها ضاربين بالشرعية الدولية لحقوق الإنسان عرض الحائط؟

نعم هناك دول كبرى ومنها الأوروبية تصدر تقارير ورقية إعلامية خجولة لا ترتقي لمستوى حجم ما يمارسه النظام الإيراني، في المقابل تعمل هذه الدول على تمويل المشاريع والمنظمات التي تسيء لمبادئ حقوق الإنسان مُتجاهلة ما يجري في إيران.

هناك الكثير من المنظمات التي تسمي نفسها حقوقية ومنها منظمات دولية تثير بعض القضايا ضد المملكة إلا أن مثل هذه المنظمات مرتبطة بأجندات سياسية وتعمل وفق مصالح بعض القوى؟

سأقول سرًا لا يجرؤ أحد على كشفه أمام الرأي العام فيما يخص تمويلات الدول الكبرى التي تكون مُخصصة لاستهداف المملكة، حيث إن 90 % من تمويلات بعض الدول تُدفع لبرامج تستهدف السعودية والـ 10% للمشاريع الحقوقية في الدول العربية، مثال ذلك: «قومي أنت و4 آخرين بإنشاء منظمة إلكترونية تستهدف المملكة، وأؤكد لك أن الموافقة على تمويلها ستكون سهلة من بعض وزارات الخارجية أو المنظمات المانحة التي تختبئ تحت ستار دعم مشاريع حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وعُرض علينا كثيرًا تمويل مالي أو تدريب نُشطاء، بشرط خلق قضية يمكن استغلالها لاستهداف المؤسسات الحكومية أو السياسة السعودية، وبالتأكيد رفضنا الحصول على أي تمويل مسيس لأننا لا نتاجر بقضايا حقوق الإنسان.

برأيك ألا تعتقد أن هذه المنظمات لا ترى سوى ما تريد أن تراه، فهي تغمض عيونها تجاه الجرائم الكبرى التي تحدث في المنطقة وتبحث عن الإثارة في دعاويها الملفقة أحيانا؟

الموضوع ليس بيد المنظمات فهي على علم واطلاع بكل الجرائم التي تقع على الإنسان في الدول العربية والغربية، لكن القرار بيد الجهات الممولة لتلك المنظمات التي تعطي تعليماتها لجهات حقوقية وإعلامية وسياسية للعمل على إثارة قضية واحدة على المستويين الدولي والعالمي من أجل خدمة أجندة ومثال ذلك قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، التي ما زالت تخضع للمزايدات والمتاجرات رغم أن السعودية حققت الشفافية والعدالة في تلك القضية.

كيف تقيمون واقع حقوق الإنسان بمجملها في المملكة؟

وثق المرصد تغيرات كثيرة في القوانين السعودية تجاه حماية حقوق الإنسان منها التشديد على حظر استخدام العنف أو التعذيب في مراكز الشرطة، وتعزيز السلطة القضائية، والمساواة وعدم التمييز، ونظام الحماية من الإيذاء، ونظام حماية الطفل، ونظام المطبوعات والنشر الذي كفل حرية الرأي والتعبير بالشكل الصحيح، ونظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، بالإضافة إلى إنشاء هيئة حقوق الإنسان، وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وبرنامج الأمان الأسري.

وأما الحقوق الدولية فقد وثق المرصد، 1544 مشروعا إنسانيا في 84 دولة أنشأها مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إضافة إلى أكبر المراكز السعودية في القارة الأمريكية، هو «مركز الملك فهد الثقافي الإسلامي» في الأرجنتين، الذي يقدم الأعمال الإغاثية للأسر الفقيرة ويعامل الجميع دون تمييز بين الدين أو اللون.