حوار ـ منيرة المهيزع

افتقد هتافات بائعي البليلة والمنفوش في حارات وأزقة مكة

• في البداية حدّثنا عن نشأتك ورحلة عملك؟

درست الابتدائية والمتوسطة والثانوية بمدارس الفلاح، ثم التحقت بجامعة الملك عبدالعزيز «إعلام - علاقات عامة»، والتحقت بعدها بوزارة الخارجية في عام ١٩٨١م، عملت في سفارات المملكة في المكسيك والولايات المتحدة وتشرّفت بأن أكون سفيرًا لخادم الحرمين الشريفين في سلطنة بروناي وجمهورية الأرجنتين ومملكة النرويج والآن في جمهورية إندونيسيا، متزوج من سيدة عظيمة، ولي 4 أبناء و4 أحفاد، حفظهم الله جميعًا.

• هل تتذكر صيام أول رمضان في حياتك؟

بدأ أهلنا في تدريبنا على الصيام بين الخامسة والسادسة من أعمارنا، وكانت هذه هي العادة الدارجة في تعليم الأبناء الصوم، بحيث نصوم الثلاث أو الأربع ساعات الأخيرة قبل المغرب لنفطر مع الصائمين، ونكسب الأجر معهم، ومع بداية سنوات الدراسة الأولى، بدأنا في صوم اليوم كاملًا، كانت بدايات جميلة تملؤها الروحانية والقداسة وأيام كان لها طعم وجمال مختلف تمامًا عن الحاضر الذي نعيشه.

• وماذا عن الأجواء الرمضانية في الدول التي عملت بها؟

لا شك في أن مظاهر رمضانية كثيرة ومختلفة بين دولة وأخرى، بحكم اختلاف الثقافات، وقد عملت في دول إسلامية كبروناي والآن إندونيسيا ودول غير إسلامية كالمكسيك والولايات المتحدة والأرجنتين والنرويج، وعشت تجربة الصيام في كل دولة، وكان لكل منها تجربة مختلفة نحاول فيها استجلاب الطقوس الرمضانية السعودية قدر المستطاع، ننجح أحيانًا ونخفق في كثير من الأحيان، ولا شك في أن رمضان بأي دولة إسلامية فيه الكثير من الشبه مع أجوائنا في المملكة مع الاختلاف الذي نحاول تعويضه داخل بيوتنا.

• هل صنعت جائحة كورونا فروقاتٍ في التقارب الأسري؟

جائحة كورونا جعلت من الثوابت التي كنا نعيشها ممنوعات؛ فالتقارب والسلام وتجمعات الأهل والأقارب والزيارات الاجتماعية التي نحرص عليها في رمضان كلها باتت من الممنوعات بل ويعاقب من يمارسها، وقد عشنا التجربة جلية في رمضان الماضي وما زال شبح الجائحة يخيّم عليها في رمضان الحالي، ولا نملك إلا أن نرفع أكف الضراعة للباري - عز وجل - ليزيل عنا وعن العالم أجمع هذه الغمة وتعود إلينا حياتنا التي سلبتها منا الجائحة فجمال حياتنا هو بالتقارب العائلي ولقاء الأهل والأصدقاء وبخاصة في رمضان.

• ما هي ذكرياتكم المحفورة والمتميزة خلال شهر رمضان؟

هذا السؤال يعيدني إلى ماض فيه الكثير من العبق والتاريخ، فمكة المكرمة التي نشأت فيها وكبرت تشكّل في داخلي حقبة تاريخية جميلة، كان جُل أهالي مكة، ونطلق على أنفسنا، أهل مكة، يسكنون قريبًا من الحرم المكي، حيث يشكل الحرم عصب حياتنا اليومية وبخاصة في رمضان، هذا إلى جانب تلك الرائحة التي تميز حارات وأزقة مكة التي يتسامر فيها الأهالي على الوجبات المكية الرمضانية وهتافات بائعي البليلة والمنفوش وبعض الألعاب الجميلة.

• ما هي الدولة الأكثر تشابهًا مع أجواء المملكة الرمضانية؟

كان رمضان في سلطنة بروناي يشبه كثيرًا طقوسه في المملكة وكانت من أجمل العادات تبادل أطباق الإفطار قبل مغرب كل يوم، إضافة إلى استعدادهم المبكر للاحتفال بعيد الفطر الذي يشكل بالنسبة للبروناويين ظاهرة اجتماعية للتزاور والاجتماعات تمتد إلى ما بعد منتصف شهر شوال، وهو الأمر الذي سقط للأسف من قاموسنا واستعضنا عنه برسائل نصية باهتة مكررة لا حياة فيها لنهنئ أنفسنا بمناسباتنا العظيمة.

• حدثنا عن عادات وتقاليد إندونيسيا في رمضان؟

كثير من العادات والتقاليد السعودية الرمضانية موجودة هنا في إندونيسيا مع بعض الاختلافات، فساعات الدوام مثلًا وحركة الأسواق تستمر كما هي طوال العام، ومن المظاهر الجميلة هنا في إندونيسيا أيضًا التكبير والتهليل الذي يسبق كل صلاة في المساجد؛ ما يضيف بهجة جميلة في نفوس الصائمين.

• وبالنسبة لأطباق مائدة رمضان في إندونيسيا؟

كثير من الأطباق الإندونيسية لذيذة ولها حضورها القوي على المائدة، ولكن لا تشبه المائدة الرمضانية السعودية، فمائدتنا لا منافس لها خاصة في رمضان، ولكن إذا وجدت شوربة الحب وطبق الفول والسمبوسة فهي تغني عن الجميع.

• ما هي العادات التي تحرص على القيام بها في شهر رمضان؟

أحرص بعون الله على تكثيف قراءة القرآن في أيام وليالي رمضان والمواظبة على صلاة التراويح وشيء من المشي قبل الإفطار.

• وماذا عن تجربة العام الماضي في ذروة أزمة كورونا؟

تجربة صيام رمضان العام الماضي في جاكرتا كانت مختلفة بحكم الحجر المنزلي الذي كان مفروضًا على الجميع، إضافة إلى تواجدي اليومي وزملائي بالسفارة في مقار إقامة المواطنين السعوديين الذين كانوا عالقين في إندونيسيا بسبب تعليق السفر، لتفقد ومتابعة أحوالهم.

أمور عديدة يفتقدها المغترب عن بلده، ويزداد حينها الشعور بالحنين خلال المناسبات الاجتماعية والدينية، وبالأخص شهر رمضان، والذي اعتاد المسلمون، خلاله، على تجمع الأهل والأقارب والأصدقاء في أجواء روحانية.

ويؤكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية إندونيسيا عصام الثقفي، خلال حواره مع «اليوم»، أن أجواء رمضان تختلف بين بلد وآخر، بحسب اختلاف الثقافات، وأكد أنه يحمل دائما معه ذكريات رمضان بالمملكة، خاصة مكة، التي نشأ بها، ساردا ذكرياته مع شهر الصيام في كل الدول التي تنقل إليها بحكم عمله الدبلوماسي.