د. حسين آل عماد

يعتقد الملايين من الناس أن الكمالية عنصر رئيس للنجاح، ويقع للأسف في هذا الفخ الملايين منهم، وقد أكون وأنتم ضمن هؤلاء الضحايا دون أن ندري.

والكماليون هم الأشخاص الذين يسعون للكمال في الكثير من مناحي حياتهم الشخصية والأسرية والتعليمية أو العملية، وبقليل من الوعي أو مع انعدامه، يضع الشخص الكمالي أهدافًا وتوقعات عالية السقف، ويحاول جاهدًا الوصول إليها، ولكنه عندما يصل، يستصغر ذلك الإنجاز ويعزوه لأسباب أخرى غير جهده المبذول، حينها ينتقد ذاته، ويقلل من تقديرها، وقد يجلد ذاته على عدم رفع سقف التوقعات أكثر، فيرفعه في ذهنه مستقبليًا ويعيد الكرة من جديد.

فمثلًا، لا بد أن أكون أفضل موظف على الدوام، لا بد أن أكون أفضل أب/‏ أم على الدوام، لا بد أن أكون أفضل طالب/‏ طالبة على الدوام، أمثلة للأفكار تلك التي تساور الشخص الذي يسعى للكمالية.

وفي دراسة تحليل بعدي ضخمة، ضمّت أكثر من ٤٠ ألفًا من الطلاب الأمريكيين والكنديين والبريطانيين ضمن ١٦٤ دراسة بحثية، تبيّن أن الكمالية في ازدياد مطرد منذ التسعينيات حتى هذا العقد من الزمن، هذه الدراسة سلّطت الضوء على المشكلة، والتي قد تكون نشأت واستمرت بسبب تعزيز التنافس العلمي والعملي والاجتماعي، حسب رأي الباحثين، بالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أن هذا الازدياد في الكمالية قد يفسر ازدياد المعاناة من الأمراض النفسية، ففي دراسات أخرى، وجد أن للكمالية علاقة بعدة اضطرابات نفسية، منها الشخصية الوسواسية، والشخصية الحدية، والنرجسية، وقد يكون ضمن العوامل التي تسهم في تنشئة واستمرار اضطرابات المزاج، كالاكتئاب والقلق، خصوصًا القلق العام/‏ المعمم.

وتعرف الكمالية بأنها مزيج من رفع التوقعات الشخصية المفرط، والانتقاد المفرط للذات، والعديد من النماذج العلمية سعت لتحليل نشأة الكمالية واستمرارها في حياة الفرد، ومن ضمن تلك النماذج:

الكمالية المتمحورة حول الذات، والتي تتعلق بتوقع الكمالية في الأداء الذاتي.

الكمالية المتمحورة حول الآخرين، والتي تتعلق بتوقع الكمالية في أدائهم.

الكمالية المتمحورة حول توقعات المجتمع حول الأداء الكمالي.

لذلك، تُعد الكمالية هي سعي الشخص نحو الكمال وإبراز مظاهره الذاتية، مصحوبة بالسعي نحو إخفاء العيوب وعدم الإفصاح عنها للآخرين.

معالج معرفي سلوكي، أستاذ الطب النفسي المساعد بكلية الطب جامعة الطائف