يوسف الحربي

لم يقدر للتفاصيل البسيطة أن تمر بهدوء لولا صخب الرمز والعلامة وانعكاس الأرض والهوية وبكل العنفوان البصري الساطع المنعكس على كل منهج تجريبي صاغه الفنان عبدالله حماس في حركته التشكيلية حيث استطاع أن يحتضن المتلقي بأمل واثق ومعتد بالريادة الفنية التي أسس لها بشغفه وطوع المساحة ليعطي للفراغ مفاهيم حكت وحاكت هذه التجربة.

هذه المسيرة والبصمة السابعة والثلاثون في معارضه المتجولة محليا ودوليا جعلت من اسمه الأبرز، وهذه المسيرة أرادها جاليري نايلا أن تكون رحلة من الفرح والتشبث بالإبداع والتواصل معه أكثر عمقا وامتدادا وإشادة بأسلوبه.

وهكذا فقد رأينا هذه الأعمال بهوية حماس البصرية التي عمل على ترسيخها أولا من خلال التراث الجنوبي المتنوع لونا وخطوطا وملامح وتمازجا مع التراث وعلاماته التي باتت في منجزه الفني مثل محاورات بصرية خلقت التماس المبتكر مزج به الشرق ملاذا وهوية والغرب مدارس وتقنية.

فهو يقدم الواقعية والرمزية والتجريدية والتكعيبية والمفاهيمية ويتواصل معها بخاماته وألوانه المتفاعلة مع الفنون اليدوية والعلامة الخاصة التي تبرز تأثره بفن القط، بالزخرفة الإسلامية، بالحرف العربي، بالعلامة التراثية لونا وشكلا وبالانتماء للفضاء الواسع بتفاصيله المتناغمة مع الطبيعة التي تميز المملكة ومع العمارة.

وتبرز أعماله الجديدة والأعمال التي سبقتها بسنوات، التحدي الواضح في تقنيته وحيويته داخل فضاءاته التي وجه فيها العلامة من الصورة إلى الطيف ومن العنصر البصري إلى الرمز ومن الحضور إلى التماهي حيث التراكمات اللونية في أحدث أعماله تستنجد العمق الوجودي في الطبيعة وفي المواسم التي يفصلها في التجريد والتجريد التعبيري من خلال الهندسة والمساحة، تشابك اللون وتداخل التمازج الواضح والمندمج والمكتظ بالنور الذي حاول استدراج المتلقي نحو طبيعة جديدة ومساحات تنشد الحياة.

لقد قدمت الأعمال المعروضة توليفات بصرية تسرد البصمة التي أرادها عبدالله حماس من عدة أوجه ونقاط فهي لا تشبه إلا ذاته وانتماءه لتعبر عن ثقافة وطن بتنوعه ولعل هذه الميزة لا يمكن أن تكون بهذا الإشعاع إلا بالأرض والحضور المتجذر فيها والمنعكس تلقائيا بنا كمتلقين.



yousifalharbi@