خالد الشنيبر

أعلنت الهيئة العامة للإحصاء قبل عدة أيام عن أحدث نشراتها لسوق العمل والتي تخص الربع الرابع من العام الماضي ٢٠٢٠م، وكانت النتائج بشكل عام إيجابية تعكس مدى أثر المبادرات التي أطلقتها حكومة المملكة اقتصاديا للمحافظة على مؤشرات سوق العمل بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا والتي شلت أسواق العمل عالميا.

كشفت نتائج النشرة عن تطورات إيجابية فيما يخص معدلات البطالة لإجمالي السعوديين والتي شهدت انخفاضا وصل لما يقارب ١٢،٦٪؜ مقابل ١٤،٩٪؜ خلال الربع الثالث من نفس العام، وبلغ معدل البطالة للذكور ٧،١٪؜ في الربع الرابع مقابل ٧،٩٪؜ خلال الربع الثالث، وشهدت معدلات البطالة في الربع الرابع للإناث انخفاضا قياسيا كأقل معدل ربعي منذ عام ٢٠١٦م ليصل إلى ٢٤،٤٪؜ مقارنة بـ ٣٠،٢٪؜ خلال الربع الثالث من نفس العام، وارتفع معدل المشاركة في القوى العاملة للسعوديين ليصل ٥١،٢٪؜ مقابل ٤٩٪؜ في الربع الثالث من نفس العام.

أرى أن وزارة الموارد البشرية وذراعها صندوق الموارد البشرية «هدف» كان لهما دور بارز في تقليل معدلات البطالة للعنصر النسائي، وتأكيدا لذلك نرى أننا تجاوزنا مستهدفات برنامج التحول الوطني بالإضافة لمستهدفات رؤية المملكة ٢٠٣٠م والمختصة في مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل، وتلك المؤشرات تعتبر دليلا على نجاح العنصر النسائي في فاعليته في سوق العمل، وكتوقع شخصي سنصل لمؤشرات أفضل من المؤشرات الحالية خاصة بعد قرار توطين المجمعات التجارية «المولات» والذي تم الإعلان عنه قبل عدة أيام.

لكل مرحلة ظروفها الخاصة، والمرحلة الحالية تستدعي المحافظة على تلك المؤشرات وتحسينها حتى ولو بمعدلات بسيطة إلى أن تتضح الرؤية فيما يخص أزمة فيروس كورونا والتي مازلنا نتعايش معها، وكوجهة نظر شخصية أرى أن ما وصلنا له من مؤشرات حالية يعني أننا في المسار الصحيح بإذن الله للوصول لمستهدفات سوق العمل المعلنة في وثيقة رؤية المملكة، ومازلت أرى أن التحدي الأكبر للمرحلة الحالية هو كيفية ولادة منشآت حديثة بمختلف الأحجام للاقتصاد حتى يستوعب عددا أكبر من العمالة المحلية.

عملية الإحلال بالوقت الحالي ليست بالخيار الوحيد، ولذلك من المهم أن يتم مراعاة أي توجهات للإحلال إلا إذا كانت هناك إستراتيجية واضحة لزيادة أعداد المنشآت في سوق العمل، فكثير من المؤشرات أثبتت أن العلاقة بين توظيف السعوديين وغير السعوديين هي علاقة طردية وليست عكسية كما يتخيل البعض، وإستراتيجية التوظيف المستقبلية بالوقت الحالي ستشهد تغيرا جذريا وستعتمد على دمج العديد من المهام والوظائف، والمنشآت الحالية ستدخل في دوامة ليست بالسهلة حتى يصل أغلبها للتعافي.

من التطورات التي يشهدها سوق العمل في الوقت الحالي أن وزارة الموارد البشرية اتجهت لفك عقدة «المركزية»، والتحول لإستراتيجية تشاركية مع المناطق الإدارية من خلال اعتماد وتفعيل لجان التوطين، بالإضافة لإتاحة المجال قطاعيا من خلال توقيع شراكات مع الوزارات والجهات المعنية قطاعيا لتوفير فرص وظيفية مستقبلية في نفس القطاعات، وتلك الخطوة تعتبر من أهم الخطوات التي سيكون لها أثر كبير في تحسين معدلات البطالة وتوفير فرص وظيفية تنافسية للسعوديين «ذكورا وإناثا».

البعض ينظر لبعض القرارات التي تم الإعلان عنها مؤخرا بشكل سلبي، وكما هو الحال عند الإعلان عن أي قرار سنجد هناك ردود فعل مختلفة، ولكن المرحلة الحالية تستدعي وجود مثل تلك القرارات التي تم إصدارها مؤخرا لأن سوق العمل يحتاج لتدخلات عاجلة حتى ينتقل من مرحلة لأخرى أفضل، والأهم من ذلك أن تكون نتائج تلك القرارات كما هو مستهدف له قبل تطبيقها.

ختاما: مع التوجه للخصخصة والتركيز المناطقي والقطاعي يزداد تفاؤلي في مستقبل سوق العمل بالمملكة، والأهم خلال المرحلة الحالية هو عدم المغامرة بأي تعديلات في تنظيمات وقوانين العمل خلال هذه الفترة، وترك المجال لمناقشتها بعد زوال الأزمة العالمية التي نتعايشها بإذن الله.

@Khaled_Bn_Moh