يوسف الحربي يكتب:

لطالما علّمنا التاريخ أن الأفكار الكبيرة والملهمة إنما تخرج من رحم الأحلام الصغيرة، ولا يكون ذلك بشكل مرتجل أو فوضوي، بل عبر أشخاص يتوافر لديهم ما يكفي من العزم والفكر المتقد للمضي قدما فيما ينشدون، وهو مربط الفرس فيما نعني هنا، وهي فكرة الفضاء الإبداعي «المشتل» بالرياض، وهي الرؤية الإبداعية والطموح المتكئ على روح المبادرة والإيمان الواثق بالثقافة وترسيخ الوعي بالهوية والوطنية.

وترتكز فكرة الفضاء الثقافي الشامل بالأساس على احتواء الطاقات السعودية والمواهب الصاعدة بأملها في أن تجد مَنْ يحتضن أفكارها ويواكب تطلعاتها ويصقل خبراتها ويستقبل أفكارها ورغباتها في تفعيل الإنجاز إلى واقع يتناسب مع الأمكنة والأزمنة والأفراد والانتماء للأرض.

و«المشتل» فكرة تسعى كلٌ من صاحبة السمو الملكي الأميرة نورة بنت سعود بن نايف آل سعود، والأستاذة آلاء عاطف غنيمة إلى السير بها أبعد في الترتيب والنشاط والخلق والابتكار، خاصة أن كل ما تحمله الفكرة يعتبر مميّزا بدءا من الفضاء وانتهاءً بالبرامج والمقترحات والتطلّعات والمجالات الثقافية، التي تفتح منافذها على العلم والتقنيات الحديثة.

فهذا الفضاء هو فرصة وتمكين واسع المدى والقدرات موجّه للفنانين والكتّاب وصانعي المحتوى والمصممين والمخرجين لطرح أفكارهم ومشاريعهم ومبادراتهم وخلق همزة وصل بين الإنجاز والمنجز والمتلقي وما يمكن أن ينشره كل هذا من تحفيز وتأثير إيجابي قادر على فرض الحيوية الفاعلة المزهرة والمزدهرة في المجتمع مع الحفاظ على خصوصية الانتماء الوطني بكل تفاصيله.

ويحرص المشتل على خلق هذه الحيوية الإيجابية في المجتمع من خلال المبدعين، ويحرص أيضا على ترك المجال المفتوح للاستثمار في الثقافة والإبداع أمام الشركات والمؤسسات بتوسيع حلقات التعاون والدعم والإيمان بالفكرة وتطويرها محليا ودوليا.

فالمشتل سيحتضن كل الفنون والإعلام والإنتاج والإبداع الوظيفي هندسة تصميم وجرافيك، إضافة إلى التراث لإحياء الفنون والحرف والمهرجانات والمواقع التراثية التقليدية، وبالتالي فهذه الخطوة تعتبر محفّزة لكل مَنْ له موهبة وفكرة وطاقة عمل قادرة على التطور المرن وفرض التعاون في البرامج والأنشطة بما سيسمح لكل المهتمين والمطلعين بالمواكبة والاهتمام ولما لا فرض التنوير وفتح المنافذ، التي قد تساعد أبسط الأفكار على النمو بثقة وحضور.

والموقع الذي تم اختياره للمشتل يقع في قلب مدينة الرياض، وهي مدرسة تمّ إنشاؤها في فترة الثمانينيات، وقد أعيد فتحها وترميمها لتكون الفضاء القابل للتواصل الحر والطليق مع الفنون والمواهب والإشعاع بالإبداع.

فكرة «المشتل» خلاقة من عدة جوانب، فهي مبنية على التعاون والابتكار من أجل النجاح والاستمرار بنفس الزخم المنشود.



yousifalharbi@