شيخة العامودي

التجربة المؤلمة، التي تتمركز في بؤرة عميقة من ذاكرتنا تثيرها المواقف، التي تشبهها إن صادفتها، أحيانا تثار من خلال سطر في كتاب نقرأه، أحيانا تسطع ومشهد فيلم نشاهده، أحيانا تضوي من خلال حديث لرفيق يقاسمنا تجربته، يطلب نصحنا نشاركه التجربة قلبا وقالبا، ونتأثر بها أكثر منه، فقد تراكمت فينا عليها السنين، فتضاعف أثرها ورسخت نفسها منزوية في ركن بالمشاعر، التي لم نشاركها أحد، تجد نفسك تنصحه وأنت تسمع لنصيحتك تتزود منها بطريقة غير مباشرة، فأنت تتحدث عنها للمرة الأولى في العلن، تناقشها وتضع حلولا لها متألما، فمشاعرك نطقت بعد سنوات من الخرس.

تلك التجارب المؤلمة، التي دفنت لفترة من حياتنا في أعماقنا قد ينبشها حدث مكرر يحدث لنا، تجد روحك تستفيق للحظة وتقرر إما أن تلوذ بالفرار وتسقط في ذاك العمق السحيق أو توقف تلك المهزلة، التي تستقصدك من جديد فتتصرف بقوة ليس لها مثيل، عينك الخائفة تتسع بؤبؤتها تتحين لنيل الثأر أو جسدك الضعيف يصبح مكمن قوة كمركز الإعصار أو حديثك يصبح ثابتا، فأوتار صوتك تأبى أن تكون كتلك الشفرة، التي تمر عليها المواقف دون أن تكون أثرا، بل ذلك الموقف المعاد بثه جردها من غمدها، فأصبحت شفرة تبتر الضرر فتنتصر بأيهم لذلك الموقف، الذي مضى عليه سنين.

أمثلة تلك التجارب كثيرة، قد تكون مرت علينا ونحن صغار، صغار جدا لم نكن نتصور أنها ستحدث لنا، ولم يفطن آباؤنا أن يدربوننا عليها، فنحن نظن أن البشر يشبه بعضه البعض في كره الضرر قد يكون التنمر أكثرها بكل صوره، التي تطورت مع تطور جوانب الحياة، فلم يعد التنمر مجرد صبية ينتظرونك عند باب المدرسة لينهلوا عليك بالضربات، أو شخص يسير فتصاحبه كلمات من لكمات، بل تطورت لكل ما يكون فيه تفاعل بين أفراد في العالم الواقعي والافتراضي كالتحرش والابتزاز، الظلم بسبب دسيسة حيكت بإحكام،.... وأمثلة كثيرة من قصص قد تكون حدثت لنا فتركت ذاك الأثر، الذي يعتم بؤرة من الروح إلى الأبد أو لزمن ما.

عندما تتفكر هل تستطيع إصلاح الضرر؟ سأجيبك يجب أن تصلح الضرر؛ لأنه نقطة ضعف ستكون مقابل كل نقاط قوتك وتلك النقطة مسببها ليس أنت، بل ذاك الشخص؛ لذا عليك نبشها بنفسك لا تتركها تشتعل وتخفت حسب المواقف، واجه نفسك بها وحللها، وتذكر أولا وأخيرا أنك ليس السبب، بعد أن تضع يدك على الحلول تذكر أنها مضت، فحاول أن تتناسى الشعور وغالبا لن تنسى التجربة ولكن إن كان لا بد، فاجعل ذاكرتها بمقدار ضئيل جدا وأعيد تشكيله واعطه مسمى ووصفا جديدا كتجربة حدثت أعانتني على فهم المحيط أو حدث غيّرني وجعلني إنسانا أقوى أو مشاعر سأسلط الضوء عليها لتمكنني من أن أكون لمَنْ يمر بها ناصحا أمينا.

ALAmoudiSheika@