عبدالله إبراهيم العزمان

منذ وقت ليس بالقصير تعاهدت مع أحد الأصدقاء الأعزاء أن يكون لنا لقاء نصف شهري نستضيف من خلاله زميلًا لنا نأنس بحديثه، ونكتسب من خبرته وتجربته.

وهذا ما يسميه علماء النفس بشراء الخبرات كما ذكر ذلك د. خالد المنيف، ولقد كان لهذه اللقاءات الأثر العظيم على نفسي ونفس صاحبي، فمن ذلك أننا نجدد العهد بزملاء جمعتنا بهم أيام الدراسة أو الصحبة أو العمل، وهذا نوع من الوفاء لأناس كان لهم الفضل بعد الله جل وعز علينا في يوم من الأيام إما بنصيحة أو إرشاد أو طيب معشر أو حسن خلق، ثم إننا بعد كل هذه السنين من العمل والجهد أصبح كل منا يمتلك من المهارات والخبرات الشيء الكثير، فتكون هذه اللقاءات فرصة لتبادلها والاستفادة منها، فعلى سبيل المثال يتميز مَنْ يشاركني هذه اللقاءات بمهارات عدة لعل من أهمها لغة الحوار، التي يستطيع من خلالها أن يغوص في ذاكرة الضيف، ويستجلب منها مواقف تربوية وعملية فائقة سجل الضيف بها تميزًا وحضورًا.

ففي أحد هذه اللقاءات، التقينا بصديق عزيز تزيد سنين معرفتي به على ثلاثة عقود منذ كنا طلابًا في الجامعة، وقد عرفته منذ ذلك الحين رجلًا هادئًا ذا حكمة ودراية وقدرة إدارية مميزة أهلته لأن يكون صاحب تجربة عملية في الخارج، حيث ذكر لنا كيف أنه تعامل مع بعض المواقف، التي اختلفت فيها الأماكن والأشخاص والأنظمة، واطلعنا من خلال حديثه على تجربته الرائدة في كيفية إدارة شؤون المؤسسات الجديدة، حيث بين لنا أن القدرة على بناء علاقات متينة مع الأفراد داخل المؤسسة، ومع عدد آخر خارجها يسهم في نجاح العمل بشكل كبير.

كما كانت لنا تجربة الالتقاء بزميل حضر الدراسات العليا في إحدى الدول الأوروبية، استعرض خلال اللقاء تجربته المريرة في الحصول على موافقة الجهة، التي يعمل بها قبل ذهابه، ومعاناته بعد عودته في إقناعهم بالعودة إلى المهام الوظيفية، التي كان يمارسها قبل ذهابه للدراسة، وكأن تلك الجهة تريد أن تعاقبه على تميزه بدلًا من أن تكافئه وتستقبله بالأحضان. فاستفدنا من ذلك الأخ أن الإصرار والسعي المتواصل دون كلل أو ملل، هو طريق الوصول إلى الهدف المأمول.

وفي لقاءٍ آخر جمعنا بأحد الزملاء، ممن له تجربة جميلة في الإعداد للرحلات وزيارات الدول، عرض علينا جزءًا من تجربته في كيفية اختيار أوقات السفر المناسبة، التي تتوافر فيها تذاكر الطيران والسكن بأسعار منافسة، كما اطلعنا على بعض الأماكن السياحية المميزة، التي لا تزال تحافظ على بريقها ونظارتها.

اللقاءات أكثر من أن يختصرها مقال، والخبرات المكتسبة أكثر من أن يسجلها قلم، وليست هذه الدروس والخبرات المكتسبة إلا غيضا من فيض لرجال امتلأوا خبرة ودراية، لذا أنصح الجميع بأن يجربوا الأخذ بهذه التجربة، فعلى الرغم من أننا نستفيد من تجارب زملائنا المختلفة إلا أن لقاءاتنا تلك ليست لقاءات رسمية مملة، بل هي مداولات حول فنجانٍ من الشاي أو كوبٍ من القهوة لا تخلو من المواقف الطريفة والمضحكة.

فلمَنْ كان لنا شرف الالتقاء به شكرًا لك على أن تكرمت علينا، وخصصت لنا جزءًا مهمًا من وقتك الثمين، ولمَنْ لم يحن دوره بعد، أقول له: جهز نفسك فقد تكون أنت الضيف القادم.

قال سليم الخوري:

لا شيء في الدنيا أحب لناظري من منظر الخلان والأصحاب

وألذ موسيقى تسر مسامعي صوت البشير بعودة الأحباب

azmani21@