مها العبدالهادي - الدمام

ممثلة المقاومة الإيرانية لدى بريطانيا دولت نوروزي لـ«اليوم»:

وصفت ممثلة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لدى المملكة المتحدة دولت نوروزي، نظام طهران بأنه «ابتزازي»، مشيرة إلى أنه يستغل تغيير الحكومات في الولايات المتحدة أو أوروبا من أجل الحفاظ على بقائه في السلطة.

وقالت في حوارها مع «اليوم»: إن جرائم وانتهاكات خامنئي وروحاني وحكومته في مواجهة انتفاضة الشعب الإيراني أدت حتى الآن لمقتل أكثر من 220 ألف مواطن إيراني، مشددة على أن السياسة التي يستخدمها الأوروبيون مع النظام «قصيرة النظر»، ولفتت إلى نهج نظام الملالي الذي يتعارض مع المصالح الحيوية لجميع الدول الغربية، ويمتهن ضد شعبه «الانتهاكات وعمليات الإعدام والتعذيب»، ويستهدف العالم والمنطقة بجماعات الإرهاب والبرامج النووية السرية والصواريخ الباليستية. وفيما يلي نص الحوار:

العلاقات الأمريكية

كيف تنظرين لمستقبل العلاقات الأمريكية الإيرانية بعد أن تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن السلطة؟ وهل استئناف المحادثات مع واشنطن يطيل عمر النظام؟

ـ مع تغيّر حكومة الولايات المتحدة ووصول الحكومة الجديدة للرئيس بايدن إلى السلطة، أثار نظام الملالي ضجة كبيرة بأن كل شيء قد انتهى، حتى أن روحاني، رئيس جمهورية الملالي، قال: «الشخص السابق جاء بورقة وكتب عليها وانسحب من الاتفاق. الشخص التالي يجب أن يحضر ورقة جيدة ويوقع عليها وسنعود إلى التزاماتنا!».

قبل كل شيء يسعى الملالي إلى تصوير هذا التطور على أنه انتصار سياسي للنظام الغارق بالأزمات وعلى طريقه إلى السقوط. في الغرب أيضًا، مجموعة من المستغلين والاسترضائيين، من الطبيعي أن يُعيدوا تنشيط ورقة الإصلاحيين المحترقة مقابل المتشددين.

لكن يجب الانتباه إلى الحقائق وتوازن القوى الفاعلة على الأرض. ليس هذا النظام في عام 2015 ولا دول المنطقة، بل المجتمع الدولي والشعب الإيراني.

الشعب الإيراني، بعد صفعاته المتكررة من خلال الانتفاضات الشعبية في ديسمبر 2017 ويناير 2018 ونوفمبر 2019 ويناير 2020، والتي حظيت بتأييد ملايين الجماهير الذين هتفوا ضد النظام بشعارات «لا للإصلاحيين ولا للمتشددين القصة قد انتهت» «لا غزة ولا لبنان روحي فدا إيران» «الملالي يتألهون، والأمة تتسول» «الموت للديكتاتور» «الموت لخامنئي» «الموت لروحاني» «قوات الحرس ترتكب جرائم والمرشد يحميهم» «خامنئي قاتل.. ولايته باطلة».

مافيات ولصوص

من ناحية أخرى، بلغ الصراع على السلطة داخل نظام الملالي ذروته، حيث حذرت وسائل الإعلام الحكومية بعضها البعض رسميًا من استياء ملايين الجماهير، وجيش الجياع، والفقراء، والعاطلين عن العمل الذين أصبحوا يشكلون الغالبية العظمى من الإيرانيين الآن. خافوا ثم خافوا لأنه إذا استغرق الأمر مناقشات أخرى، فسوف يتم الإطاحة بالنظام بأكمله في غضون أيام قليلة وساعات، وسنحترق جميعًا معًا، لذلك يجب أن أخبركم بأن الصراع المتضارب بين الشعب والنظام الديكتاتوري ومافيات اللصوص والمفسدين والمجرمين والإرهابيين يقترب بسرعة من نقاط المواجهة والتنفيذ.

هذا النظام أجوف وأكثر فسادًا لدرجة أنه يستغل تغيير حكومة في الولايات المتحدة أو أوروبا للحفاظ على سلطته وبقائه.

على العكس من ذلك، فإن دقات ساعة سقوط هذا النظام بدأت منذ فترة طويلة، والانتفاضة الكبيرة وحشد وتنظيم الشعب ومعاقل انتفاضة المقاومة الإيرانية في طريقها لتحقيق الحرية، وإقامة جمهورية ديمقراطية وفصل الدين عن الدولة.

حقوق الإنسان

برأيكم ما سبب حسن نية الاتحاد الأوروبي تجاه النظام الإيراني؟ هل يتاجرون في قضايا حقوق الإنسان لمصالحهم الخاصة؟ ألا تعتقدون أن الغرب يتعامل بازدواجية مع نفس القضايا في قضايا الحريات ومصير الشعوب التي تقع تحت وطأة الظلم والقتل وقمع الحكومات؟ وإلا فما هو تفسيرك لظلم بعض الأنظمة التي سكتت عنها أوروبا مثل نظام الملالي وبشار الأسد وغيرهما؟

ـ سبب حسن نية الاتحاد الأوروبي تجاه النظام الإيراني وتركيز الأطراف الأوروبية، ومنهم فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة على المحافظة على الاتفاق، هو الأمل في تجديد العقود التي تمتلكها بعض الشركات الأوروبية على الثروة الوطنية للشعب الإيراني، والتي كانت تحت تصرف قوات الحرس والمؤسسات التابعة لخامنئي.

على سبيل المثال، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، فقط ألمانيا، والتي تعتبر أكبر مصدر أوروبي لإيران، زادت صادراتها إلى إيران في عام 2016 بنسبة 22٪ أي قرابة 2.57 مليار يورو بعد توقيع الاتفاقية النووية مع إيران. استمر هذا الاتجاه التصاعدي في عام 2017 وزادت صادرات البلاد إلى إيران بنسبة 15.5٪ لتصل إلى 2.97 مليار يورو.

الصادرات الأوروبية

القسم الأكبر من الصادرات الألمانية إلى إيران يشمل الآلات الصناعية والمنتجات الدوائية والغذائية.

زادت صادرات فرنسا إلى إيران من 562 مليون يورو في 2015 إلى 1.5 مليار يورو في 2017.

كما بلغت قيمة صادرات البضائع البريطانية إلى إيران 167 مليون جنيه إسترليني (191 مليون يورو) في عام 2016، وهي أعلى من قيمتها في عام 2011.

لكن في ظل انتهاك النظام الإيراني بوحشية لحقوق الإنسان ومواصلة عمليات الإعدام والتعذيب وقمع جميع الحريات الفردية والاجتماعية والرد على التظاهرات الشعبية السلمية بالرصاص، فإن أي علاقات تجارية مع النظام الإيراني تتعارض مع المطالب المشروعة للشعب الإيراني في الديمقراطية والتعددية والتنمية وإعادة بناء قاعدة الإنتاج الإيراني واستقرار وتنمية دول المنطقة، هذا نظام لصوصي ومتمرد وغير ملتزم بأية معايير ديمقراطية أو القانون الدولي، لهذا السبب، ومن وجهة نظر المقاومة الإيرانية، فإن هذه العملية غير مشروعة وتمنح الملالي وقوات الحرس فرصة لنهب وسرقة الثروة الوطنية للشعب الإيراني وانتشار الإرهاب وانتشار الحرب وامتلاك الصواريخ والأسلحة النووية. لذلك فإن هذه السياسة قصيرة النظر وتتعارض مع المصالح الحيوية لجميع الديمقراطيات الغربية والدول المتحضرة، ما لم تكن مشروطة بوقف انتهاكات حقوق الإنسان ووقف عمليات الإعدام والتعذيب والإرهاب ووقف تخصيب اليورانيوم والبرامج النووية السرية والصواريخ الباليستية.

احتجاجات واسعة

إلى أي مدى يمكن للشعب الإيراني أن يتسامح مع تدهور الوضع الاقتصادي الراهن؟ وهل ستنتبه الإدارة العالمية التي ترى نفسها حرة، إلى الإيرانيين؟

ـ إذا تابعت الأخبار داخل إيران هذه الأيام، فستجد أن احتجاجات الناس الذين نهبهم نظام الملالي عمّت معظم المدن الإيرانية. في أحد الأمثلة، تجمع المتقاعدون المحرومون في 18 مدينة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك طهران وكرج ونيشابور وشيراز والأهواز وإيلام وخرام آباد ويزد وأصفهان وشوش وكرمنشاه وقزوين وأراك. وهتفوا بغضب: «يكفي ظلمًا موائدنا فارغة»، «تضخّم وغلاء أسعار أجب يا روحاني»، «اصرخ من كل هذا العنف»، «لن نتنازل حتى نحصل على حقوقنا»، «يمكن الحصول على حقوقنا بالنزول إلى الشارع فقط» و«12 مليونًا تحت خط الفقر والرواتب لـ 3 ملايين». كما ردد المتقاعدون الباقون شعارات تكشف أكاذيب وخداع الملالي: «عدونا هنا، إنهم يكذبون عندما يقولون أمريكا!»

تم الإعلان عن هذا التجمّع مسبقًا ولم يستطع النظام منعه، في ظل الوضع الحالي، تظهر هذه التجمعات المتتالية والمعلنة مسبقًا على مستوى البلاد توازنًا جديدًا للقوى؛ لأنه وفقًا لمسؤولي النظام، فإن «السكين قد وصلت إلى رقابهم» وأن الأعمال القمعية قد تكون بمثابة زيت على النار وذات تأثير عكسي، يسبب اتساعها وستندلع الاحتجاجات.

انتفاضة نوفمبر

وبعد انتفاضة نوفمبر 2019 العارمة، والتي اندلعت في أقل من ساعات، أضرم المحتجون النار، بحسب إعلامهم الرسمي، في «731 مصرفًا (حكوميًا) و140 مركزًا حكوميًا» ومئات الآليات لقوات النظام. لقد أوعز النظام لقواته القمعية بذل قصارى جهدهم لمنع استمرار الانتفاضة. ولكن بعد شهرين فقط، في شهر دي، اندلعت الانتفاضة مرة أخرى بشعارات «الموت لولاية الفقيه»، «الموت للظالم، سواء كان الشاه أو المرشد» وهتفوا وأظهروا إلى أي حد تفجر المجتمع وأن الانتفاضة مستمرة ولن تتوقف. لكن كورونا وانتشارها المتعمّد من قبل خامنئي وروحاني لم يسمحا بتشكيل تجمعات وانتفاضات لاحقة، وقد أدت جريمة خامنئي وروحاني وحكومته لمواجهة انتفاضة الشعب الإيراني حتى الآن إلى مقتل أكثر من 220 ألف مواطن إيراني.

لكن مأساة كورونا الآن أدت إلى زيادة الغضب الشعبي، كما يعلم الجميع، ويعترف مسؤولو النظام أنفسهم بأن قادة النظام تعمدوا إرسال الناس إلى مهالك كورونا. وفي هذه الأيام، حذر بلهاء النظام ووسائل الإعلام مرارًا وتكرارًا، «سيكون لنا مستقبل غير عادي في حقبة ما بعد كورونا».

التضخم والفقر

من ناحية أخرى، أدى الارتفاع المذهل في معدلات التضخم والفقر والحرمان ونهب الناس خلال العام الماضي إلى دفع الوضع المتفجر للمجتمع إلى مسار جديد بعد نوفمبر 2019 لدرجة أن خبراء النظام ووكلاءه ووسائل الإعلام يعترفون به ويحذرون من هذا الوضع.

لذلك، من الواضح أن المجتمع الإيراني في وضع متفجر، وتحدث احتجاجات متتالية على مستوى البلاد في هذا السياق. في الوقت الذي تضاعف فيه التضخم وغلاء الأسعار ثلاث مرات بسبب سياسات النهب التي انتهجها النظام في العام الماضي وحده، و«وصل خط الفقر إلى 10 ملايين شخص، لكن الأجور للعديد من شرائح المجتمع لا تزال لمليوني شخص»، أصبحت الفجوة بين سبل العيش والتضخم أكثر خطورة. في مثل هذه الحالة، وبسبب تصاعد الفقر والقمع، فإن انفجار المجتمع تجاوز بكثير الوضع إبان 1998 والسؤال هو إلى أي مدى سيكون الانفجار القادم، حيث إن مختلف فئات المجتمع دعت إلى الاحتجاجات المتتالية في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك احتجاجات المتقاعدين على مستوى البلاد؟ ومتى سيحدث، في رأيي الجواب واضح، لدرجة أنه حتى من داخل النظام يتم التحذير يوميًا من «أننا سنرى اضطرابات في المجتمع والفوضى».

المجموعات العرقية

برأيكم لماذا لا تشكّل المجموعات العرقية الإيرانية غير الفارسية، بما في ذلك الأذربيجانيون والأهواز والأكراد والبلوش، جبهة واسعة للإطاحة بالنظام والاتفاق على مستقبل إيران وطبيعة النظام المستقبلي بعد الإطاحة؟

ـ أود أن أوضح لكم أنه في إيران تحت حكم الملالي، لا يوجد شيء اسمه مجموعة عرقية فارسية أو غير فارسية. الوضع في إيران هو كراهية واشمئزاز جميع شرائح الشعب الإيراني من حكم الملالي والمافيا والعصابات والجماعات، لا سيما الجستابو التابعة لقوات الحرس والباسيج القمعي وفيلق القدس الإرهابية، إضافة إلى مرتزقة هذا النظام في المنطقة. وفقًا لمسؤولي النظام، فإن أقل من 4 % من سكان إيران ينتمون إلى النظام. لذلك، ومن أجل الحفاظ على سلطته، فقد أدى هذا النظام إلى إفقار كل شعب إيران، بما في ذلك الفرس والعرب والأتراك والبلوش واللور والأكراد، في ظل قمعه وقهره ونهبه، ووحدهم جميعًا ضده.

الحقيقة هي أن الانقسامات الطبقية الحادة وحرمان الغالبية العظمى من الناس مقابل الثروة اللا محدودة في يد فئة قليلة قد خلقت العديد من الأزمات الاجتماعية التي حرّضت جميع شرائح الشعب الإيراني المختلفة للوقوف في جبهة موحّدة ضد هذا النظام بأكمله.

مؤسسات خامنئي

وفقًا لخبراء حكوميين، فإن أكثر من 60 % من الاقتصاد الإيراني في أيدي المؤسسات التابعة لخامنئي والحكومة المناهضة للشعب، ونفس النسبة 60 % هي التي لا تدفع الضرائب، وفي كل عام توفر الحكومة جزءًا كبيرًا من الميزانية من جيوب الناس.

يحتل الفساد والسرقة قمة هرم سلطة الملالي، وهو الفساد الذي دمر اقتصاد البلاد. من أهم أسباب وآليات السرقة من قبل المؤسسات الحكومية الاحتكارات الكبيرة التي وجدت بسببهم.

الاحتكارات التي تكون بيد المؤسسات التابعة للحكومة والمؤسسات التابعة لخامنئي وعلى رأسها قوات الحرس المناهضة للشعب وهيئة تنفيذ أوامر الإمام.

مما لا شك فيه أن قمع هذا النظام للأقليات الدينية والعرقية في البلاد سوف يشتد، ولكن في إيران لا يتعلق الأمر بالفروق بين القوميات والأعراق الإيرانية، بل هو تناقض عدائي بين الشعب الإيراني بأكمله وبين نظام الملالي. خلال الانتخابات، اعترف رئيس مجلس الشورى الحالي قاليباف بأن 96 % من الإيرانيين غير راضين، وقال: «اليوم، 4 % في البلاد هم أشخاص يلتفون بسهولة على القانون وهم يتلاعبون بحياة الناس ولا يمنحونهم فرصة لاتخاذ القرارات».

«مجاهدي خلق»

في المقابل، لمواجهة هذا النظام، فإن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، لديها أكثر من 40 عامًا من الخبرة والتجربة، تعتبر المحور الرئيسي والعمود الفقري للائتلاف السياسي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يضم جميع الأحزاب والجنسيات الوطنية والشعبية في هذا التحالف. والمجلس الوطني للمقاومة في خططه المصدق عليها، خاصة في الخطة المكونة من 10 نقاط للسيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة لهذا المجلس، يعلن ويؤكد منذ سنوات على إقامة جمهورية ديمقراطية، التعددية، فصل الدين عن الدولة، مساواة كاملة للمرأة، المساواة بين جميع الأقليات العرقية والدينية في جميع أنحاء إيران. لقد ضمن هذا المجلس الديمقراطية وحقوق الإنسان والرفاه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لجميع الإيرانيين. وعلى وجه الخصوص، تم عرض خطة الحكم الذاتي الكردستاني في قرارات المجلس كمثال قبلته الأحزاب الكردية منذ عام 1983 (يمكن التحقق من ذلك).